يا لهف نفسي على عيش نعمت به ... أيام لي فيه أوطار وأوطان
أقسمت ما سر قلبي بعد فرقتهم ... خلق ولا لاح للإنسان إنسان
يسمى هذا الإقليم إقليم العواهل وهو بالطول من نجران إلى بيجان وبالعرض من روضة نسر إلى حضر موت.
من مأرب إلى صنعاء راجعاً
من مأرب إلى بئر موهل فرسخين، وإلى حربين فرسخين. وإلى طبال العاشر فرسخين. وإلى الرحبة فرسخين. وإلى صنعاء فرسخين.
[من صنعاء إلى صعدة]
على الطريق القديم. قال أبن المجاور: وكان هذا الطريق يسلك في أيام الجاهلية فلما ظهر الإسلام بطا. من صنعاء إلى مؤمل ثلاث فراسخ، سرير ملك أعمال الخشب وهو من مساكن ثمود والأصح مساكن التبابعة، وجميع ما بنى بالحجر والجص المدن منها والقرى طول كل لوح حجر منه عشرة أذرع زائد لا ناقص وهو الآن كله خراب بناه. وإلى ثريد ثلاثة فراسخ، من أعمال تومين وهما واديان. وإلى رأس نقيل ثلاثة فراسخ درجه اسعد الكامل. وإلى نقيل الفقع فرسخ. وإلى المصيرع فرسخ، وفيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صرع الكفار. وأنشد بعض العرب المصرعين يقول:
كلينا يا سباع وجرجرينا ... فو الله يا سباع لتفقدينا
علينا البيض والدرق اليماني ... وأسيف تجر وتعذرينا
وإلى نجد قرش فرسخين وهو نقيل مدرج. وإلى العميشة ثلاث فراسخ. وإلى الدرب فرسخين وإلى صعدة فرسخين والله اعلم.
[ذكر خراب صعدة القديمة]
فلما جرى على ذات النحيبن ما جرى ورأى عمرو بن معدي كرب الزبيدي ما تم على المرأة حمل جمال رمل وقدم بها وقت الصبح الصادق إلى صعدة وقال لبني عمه: إذا دخلتم صعدة أسفقوا الزوامل الرمل بين دروقي الباب! ففعلوا ما أمرهم به وامتلأ دروقي الباب رملا. فعلم البدو يفأمر بغلق الباب فلما غلق الباب لم يجيء معهم الأكياس الرمل بين دروقي الباب. فحينئذ دخل عمرو بن معدي كرب الزبيدي إلى أرض الحجاز فتبعه رجل من البدو فلما دهمه جذب السيف وضرب الصخرة التي تقدم ذكرها عرفت بضربة عمرو فلما نظر الرجل الضربة رجع عنه. وتم على قوة إلى أن خرج إلى الحجاز وأسلم على يد النبي (ويقال على يد بعض الخلفاء وخرج من فتح العجم مع سعد بن أبي وقاص وقتل بأعمال نهاوند من إقليم العراق. فلما تم على أهل صعدة ما تم تراجعت الخلق من كل فج عميق فعمر كل منزله ومسكنه وسكن فيه، فلأجل ذلك هي خمسة دروب. ويقال إنّ صعدة القديمة كانت في الأبتداء عند حصن تلمص مع خراب صعدة وأعمالها بناها الهادي يحيى بن الحسين.
[بناء صعدة، بناء الشرف]
بنى في دولة الإمام أبي موسى محمّد الأمين بالله أمير المؤمنين. ويقالبنى قديم بناء الجاهلية والأصح إنّه بنى في أيام بناء صعدة صنعاء ولا شك إنّها بناء سام بن نوح عليه السلام. وإما صعدة هذه فإنها لمّا خربت صعدة القديمة وتم على أهلها ما تم جاء يحيى الهادي بن الحسين أراد بناء مسجد في هذه الأرض فجاء إليه تاجر فقال: وكلني على بنائه! فوكله وبنى التاجر المسجد، فلما فرغ بناءه قال له الهادي: أحسبت حساب الخرج؟ قال التاجر: معاذ الله أن أخذ على بناء بيت الله أجرة وثمن! وسكن الهادي يحيى بن الحسين المسجد بمقامه فسكنت معه الخلق فكثرت الأمم فبنوا مدينة وأسواق ودور وأملاك فلما رأوا ذلك أداروا عليه أربعة دروب: الدرب العتيق، ودرب القاضي، ودرب القر بني في أيام سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، ودرب القاضي أبن زيدان. ويحوي هذه الأربعة الدروب درب واحد وهو السور، وركب على السور باب الدرب العتيق وباب علي بن قاسم وباب درب المعز وباب درب القاضي أبن زيدان وباب حوت وباب درب الإمام. وإما درب الإمام فهو حصن بناه أبو محمّد بن عبد الله بن حمزة ما بين الشمال والمشرق منفردا بذاته لم يخالطه شيء قريب من البلد لم يسكنه إلا الأمام وعترته. وصورته على هذا المنوال في الصفحة الثانية بعد هذه.