وإذا دخلت المرأة على بعلها تجيء كل امرأتين من جيرانها يهنئانها بإتمام سرورها وتأتي معها بجراب ملآن دقيق سميد أو سويق أو زبيب. وحينئذ يحصل للمرأة نحو مائة ظرف ملآن تنفقها مدة أيام واشهر، وإذا كان لأحد النسوة الذين حضروا العرس عرس ردت لهم المرأة الجراب الملآن مثل ما كان، مثل ما كان، وهذه عوائدهم. وتغزل النساء هذه الديار القطن كما يغزل الوبر بالقانون غليظ مرة، وينسج منه شبه سياسات شبه الأكسية الصوف يسمونها الصوف يسمونها ثياب الهجيرة لبس العبيد والإماء والضعيف. ويقال إنّما يوجد في هذه البلد ستون حائكا ودحاح. وليس يعرف القوم إيمان إلاّ إنّ زيدا يخط خطاً دائرا على وجه الأرض ويقول لعمرو المنكر عليه: أدخله! فإذا دخله يقول له: ارفع رأسك إلى الله! فإذا رفع رأسه نحو السماء قال زيد: كفيت بالله ربا اقصد يا إنسان طريقك بارك الله فيك! وهذه أيمان القوم. وينقسم أموال هذه البلاد على فريقين: الضان وبعض الإبل والخيل، فأما الإبل والضأن يستقنوتهم قوم يقال لهم الشاورية وبعض الإبل والخيل يستقنوتهم الدواشر. ولم يعرفوا غير هذا المال شيئا آخر يعني مثل المعز والبقر والثيرة والحمير والبغال. والآن ينزل البدوان حول القصور بالبيوت الشعر والخيل والإبل والغنم وهم أهل جود وعطا وكرم يأكلوهم لحم الإبل ومشروبهم الحليب وركوبهم الخيل وبيعهم وشراؤهم الخيل والإبل ولبسهم الخام. وهم أهل قوة وفصاحة ويديرون الفلاة وراء الأموال والنعم لا يودون قطعة ولا يعرفون خراجا س. قال أبن المجاور: وكل بدوي لا يأوى تحت سقف ولا يؤدي قطعة فهو من أولاد إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام ليس فيه خلاف ولا شك والله اعلم.
وأما نجد وحدودها فما كان من حدّ اليمامة إلى قرب المدينة راجعا على بادية البصرة حتى يمتد على البحرين إلى البحر فهو حدّ نجد
[ومن صعدة إلى صنعاء راجعا على الطريق اجديد]
قال أبن المجاور: حدثني الحسن بن علي بن محمّد التولي الصعدي قال: لمّا فتح الله عز وجل بالإسلام سلكوا هذه الطريق. من صعدة إلى الخيام ثلاثة فراسخ وتسمى الدروب. وإلى العين فرسخ. وإلى العمسة أربعة فراسخ. وفي هذه الحدود مدينة تسمى خيران ويقال وادي خيران، وهذه مدينة وضعت في لحف جبل ومن علها إنّه كان بها ستمائة شارع وكان يخرج من كل شارع ستمائة فارس وكان قد بني لهذه المدينة سد شبه المأزمين بمأرب وقد تقدم ذكره. فلما خرب السد خربت المدينة والآن هي ملك أحمد ومحمّد أبني عبد الله بن حمزة واشتروا أراضيها بذهب كثير وهي ذات زرع وضرع، ويقال إنّ من طيبة أهلها كانت تسمى خيران في أيام الجاهلية. وإلى حوت خمسة فراسخ. وإلى جحضم أربعة فراسخ.وإلى صنعاء فرسخين.
[ذكر الرؤيا]
قال أبن المجاور: رأيت في المنام كأني في مدينة عامرة وكان عمارتها بالحجر المنقوش طول كل حجر منها مقدار خمسة أذرع ولكل حجر لون، وهي ذات جامع ومساجد وخانات وربط ومساجد ومدارس وع أسواق ودكاكين وحوانيت، نزهة بين جبلين عاليين كثيرة المياه والأنهار والأشجار والبساتين. وكان قد طبق إحدى جبلي الوادي الآخر القائم على حرفه وقد كحل السوق بالجص من لحفه إلى ذروته، فلو سار على وجه أي سد الجبل نملة لناظره من على بعد المسافة. وكأني قلت لأحدهم: ما تسمى هذه البلد، قال: حجب. قلت: وما المعنى في هذا الاسم؟ قال: إنّها احتجبت عن الناظرين. قلت: فمن أي الأعمال تحسب؟ قال: من أعمال صنعاء اليمن. وذلك ليلة الجمعة سادس رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة.
[من تعز إلى زبيد راجعا]
من تعز إلى عدينة ربع فرسخ، قرية في لحف الحصن. وفيها قال الشاعر:
قد كنت لألأ برق من عدينة ... ناديت: ما بال أحبابٍ لنا بعدوا؟