بناء سليمان بن داود عليه السلام في أرض بني سيف وهو سور دائر على سنام جبل شاهق في الهوى. وفي وسط الحصن بحيرة ماء قديم خلقه الله على ظهر جبل لم يعلم له قرار، وهو ماء عذب وقد يرى فيه من الأسماك ودواب البحر وموج هائل. وقد بنى على سورٍ على ساحله مستدار بالبحيرة وبني ن داخل السور ثلاثة دور لا غير يسكن في أحدهم ثلاثة رجال وفي الثاني أربعة وفي الثالث خمسة رجال يصح عدد القوم أثنى عشر رجلاً رتبة. ولم يقدر أحد من ملوك الغز على أخذها من أربابها بني سيف. ويقال إنّ به شجرة يصح طولها ثلاثة اذرع، قط ما أوكر عليه طير إلا وقع من ساعته ميتا، ولا يزال تحتها طيور موتى من كل فن. حدثني أحمد بن محمد بن المهنا الصفار قال: إني رأيت في بلاد البرابر شجرا يوجد تحتها قردة ميتة فسألت بعضهم على حال قصة القرود فقال: إنّ تلك الشجرة شجرة السم الذي يغلى حطبه يستخرج منه سم يجعلونه في نشاشيبهم فمن أصابه من ذلك النشابات ولم يقور اللحم والجرح معا مات من ساعته، ويجيئون القردة ويأكلون ثمرة لأنّه يكون حلو فيموتون كما ترونهم. قال أبن مجاور: وما يموت من القردة إلا كل من يكون في بطنه جراح أو مرض يصل سم الشجرة إلى الجرح يختلط بالدم ويموت ويرجع سببه مرمى شبه جذع نخل منصرم، ولا شك إنّ هذه الشجرة شجرة سم. قال أبن مجاور: ورأيت في النام ليلة الاثنين والعشرين من شهر رمضان سنة عشرين وستمائة كأن قائلاً يقول لي: إنّ في أرض الربحار شجرة تسمى نار ولم يمسها أحد إلا أحترق من وقته. وما اشتق حصن ثريد إلا من ثريد الخبز واللحم، أي كل من يملك هذا الحصن يبقى إقليم اليمن قدامه شبه جفنة الثريد يأكل ما أراد أي ما اشتهى وأراد. وفي سنة خمس عشرة وستمائة زرعت جميع جبال اليمن الفوة وبطلوا زراعة الغلال لان أحدهم كان يزرع الحنطة والشعير وما كان يغل كل جريب إلا خمسة دنانير ملكية فوزعوا الفوة فغل لهم الجريب ستين ديناراً، وابتاعت الفوة سنة اثنين وعشرين وستمائة بعدن البهار بستة وسبعين دينار. فلما رأت الخلق ما رأت قالوا: نترك غيره ونزرعه فزرعوه حتى الخدم والجوار والنساء والمشايخ والغني، وبقوا إلى إنّ ملك الملك المسعود يوسف بن محمد من ديار مصر، أخذ جميع الفوة ولم يخل لأحد وزن وقية. وجميع ذلك مباح مستهلك وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائة.
[ومثابة فيه بسعر الفضة]
وأهلها قوم يقال لهم بنو نهم وفي سوارق صعدة انبيع ولو إنّه من كان. ويقال إنّه جلب زيد عبدا يريد بيعه السوق فقال العبد لسيده زيد: أصعد على هذا الحجر نادي على زيد، فلما صعد نادى العبد على زيد: من يشتري هذا العبد؟ فاشترى منه فباع العبد لزيد وأخذ ثمنه وراح.
[من ذي جبلة إلى صنعاء]
من ذي جبلة إلى القرين فرسخ. وإلى السحول فرسخين، وهو الذي ينسج فيه الثياب السحولية وكفن رسول الله (في ثوبين منها. وهذا الوادي لبني أصبح قوم الفقيه أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي إمام دار الهجرة. وإلى ذراع الكلب فرسخ. وإلى قلعة إب فرسخين. وإلى المغربة فرسخين، بناية الملك المعز إسماعيل بن طغتكين. وإلى المعبر فرسخ. وإلى حصن السماوي فرسخ. وإلى جدرة نقيل صيد فرسخ، وهو مدرج درجة الملك الأغر على بن محمد الصليحي. وقال:
وأسكنت العراق خيار قومي ... وأسكنت النبيظ قرى وقتاب