للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبن المجاور: والله الرحم الرحيم ما رأيت في جميع اليمن سهلها وجبالها وجها حسنا يعتمد عليه النظر ولا فيهم ظرافة ولا لطافة ولا ملاحة ولا حلاوة إلاّ اسم بلا جسم، ما ترى إلاّ عجائز سؤ خبيثات الأبدان قليلات الأدب ذوات آراب وسخين اللسان قذرين الأكل. كما قال الظهري:

بباده ديت ميالاى كان همه خونيست ... كه قطره جكيدس ازدل انكور

بوقت صبح شود همجو روز معلومت ... كه باكه باخته ذر شب ديخور

فلما أوقف صلاح الدين يوسف بن أيوب في أعمال مصر ما أوقف وقد تقدم ذكره في أعمال جدة أوقف توران شاه يوسف بن أيوب والأصح طغتكين بن أيوب المعز وادي الجريب والحرب والمسلب وبقى يرفع دخلها إلى مكة إلى أن خبل وقفها الملك مسعود بن محمّد بن أبي بكر سنة خمس عشر وستمائة وبقى يرفع دخل هذه القرى إلى الديوان. وأيضاً كان أوقف طغتكين بن أيوب عل المدينة أم الدجاج مع جمل من الأراضي كلها القاضي علي بن الحسين بن وهيب لمّا تغلب الأمير قاسم بن المهنا بن جماز صاحب المدينة على مكة سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وبقى يرفع دخلها إلى الديوان. ورد الملك المسعود يوسف لأم الدجاج على الأمير شيحة سنة خمس وعشرين وستمائة، وصار يصل دخلها إلى المدينة كما كانت. وإلى الأهواب فرسخين بين نخل شامخات.

[بناء الأهواب]

بنى الأهواب أبو القسم الرامشت بن شيرويه بن الحسين بن جعفر الفارسي سنة اثنتين وثلثين وخمس مائة مدينة حسنة لمّا تقدم من الهند يريد الحج، ذات أسواق وجامع ودكاكين ونقل الأخشاب الساج إليها من الهند. فلما انقضت دولة الحبشة وتولى علي بن المهدي خرب جامع الأهواب ونقل أخشابه إلى المشهد الذي بناه في زبيد سنة خمس وخمسين وخمسمائة وهي فرضة المراكب الواصلة من عدن. وما أشتق بطن الأهواب إلاّ من الأهوال لأنّه على آخر بطن السحاري موضع هول لكونه كشفا. وقال بعض الزيالع الذين أتوا الأمانات لجبريل بن زيد بن فارس: حط عني عشور عشر سنين حتى اعمر لك مرسى الأهواب! فقال له: كيف تفعل فيه؟ قال: اشحن مراكب حجر وتراب ارميه معارض المرسى بالطول ليرد قوة الموج والمياه والريح. فلما هان على جبريل ذلك وقال: إنّ أربع مدن في بر السودان مقابل أربع مدن في بر العرب: عيذاب مقابل جدة، والأصح أن عيذاب مقابل الجار وهو مرسى ينبع، ودهلك مقابل السرين وزليع مقابل العارة وعوان مقابل الأهواب.

[من عدن إلى شبام]

من عدن إلى الرعارع أربع فراسخ، وعلى رأس البئر غرابين لا يزال من مكانهما ابد الدهور، من أعمال لحج وفيه يقول علي أبن زياد المازني:

خلت الرعاع من بني مسعود ... فعهدهم فيها كغير عهود

جلت بها آل الزريع وإنّما ... حلت اسود في مكان اسود

وإلى ابين أربع فراسخ، قرى جماعة بناء أهل الحجاز، ويقال بناء بني عامر من أرض الحجاز، سكنوا الديار وبنوا القرى وحرثوا وزرعوا وتأهلوا فيها وبقيت في أيدي القوم إلى آخر الدولة الحبشية. ومن جملة الأعمال خنقرة والطرية وجبنون والمحلل والسلامة ومسجد الرباء. وبهذه النواحي قبر صالح النبي (ورجل ولي صالح. وجميع نساء أهل هذه الأعمال سحرة.

[صفة العفو]

إذا أرادت المرأة أن تتعلم السحر التام الذي لا قبله ولا بعده تأخذ أبن آدم تصليه إلى أن يذوب ويصير ودكا ويبرد فإذا برد شربته جميعه وتحبل منه وتضع بعد سبعة شهور بشرا وحشيا يشبه القط سوى في الطول والعرض يسمى العفو. ويقال إنّه يكون عليه آلة في قدر آلة العفو الكبير. فلا تزال الساحرة تدور به وتربيه إلى أن يكبر ويشتد ويقوى، فإذا بلغ الإدراك جامع العفو أمه فإذا جامعها فلو ركبت المرأة جرة بلسب بها الجرة عنها ولم يشاهد العفو إلاّ أمه وهي زوجته ولم ينظره أحد غيرها. قال أبن المجاور: وما سمى العفو إلاّ إنّه يحملها ايرا لا تطيق عليه ويقال لم يتعلم سحرا ولم تعلم له. ويقال بل العفو مثل هذا الشيء كما قال:

العفو إن هب معرب ... وحملا سمال على يدي

وأصبح البرد بالمسا ... وصاح أبي بلاح

<<  <   >  >>