حدثني رجل من أهلها إنّ كل ما كان يحفر في الغيل حبط٠٠٠ زبدي التراب أي من تراب كان يعطيه رغيف خبز وعظم أي قطعة لحم ودراهم وقيل دينار، ولا يزال على حاله إلى إنّ جرى الماء من الغيل وعمى. وبقي البناية على حالها إلى أن توفي سيف الإسلام طغتكين بن أيوب فأدار عليها سور من الحجر والجص وأعلاه طين ولبن سنة سبع والأصح ثلاثة وتسعين وخمسمائة. وركب على السور خمسة أبواب: باب المقصورة، وباب الحديد بناية الملك المسعود يوسف بن محمد بن أبي بكر، وباب الأقطع، وباب السر ينفذ إلى بستان السلطان.
[صفة جبل البقر]
وهما جبلان وراء الجند لمسافة ربع فرسخ بنوا بهما العرب حصنين وسائر القوم يصبح به الجند صباحاً ومساءً ليلاً ونهاراً. وبقيت أهل الجند معهم في عناء وتعب إلى إنّ ملكت ملوك العرب هدمت وأردمت آبارها. وبقيت الآن جبلان قائمان خربان لا بهما داع ولا مجيب.
[صفة أكمة سليمان]
وبئر النخر. وكان في قرب الجبل حصن مانع يسمى أكمة سليمان، من بناية سليمان بن داود عليه السلام. فلما عصت العرب على معن بن زائدة الشيباني تحصنوا بالحصن وبقى القتال يعمل بين الفريقين مدة أيام. وكان تحت الحصن مما يلي البحر بئر ماء ذات عمق وسعة وطول. وقد بنى على دورانه القلعة إلى قرار هذا البئر درج ينزل إليه الخيل، والرجال، والبئر مشترك ما بين الفريقين إلى أهل البلد فشربوا منه باطن وعسكر معن بن زائدة ظاهر. فنزل في بعض الأيام فارس بحصانه إلى البئر يرويه فلما شرب الحصان حوض الماء نخر الحصان من عمق الماء فسميت بئر النخر لأجل ذلك. فلما علم معن بن زائدة شريكة البئر فيما بينهم أفلت في الماء نفطا فصار كل من شرب منه مات. فسلم له الحصن، فلما ملك الحصن هدمه والبئر معا وجمعا.