وبقى الحصن على حاله إلى أن خرب وأندثر. ويقال إنّ أبا الغيث أبن سامر أراد عمارة هذا الحصن في دولة الحرة السيدة بنت أحمد بن جعفر بن يعقوب بن موسى الصليحي بع أن احضر له آلة البناء، وتم له المقصود وابتدأ في البناء فطلع طلائع الجن فقتلوا جميع القوم في المكان. وبعده أراد عمارة هذا الحصن الداعي سبأ بن أحمد بن المظفر الصليحي ويقال الدعي سبأ بن أبي مسعود بن الزريع بن العباس بن المكرم والي عدن من قبل الدولة الفاطمية فلم يمكنوه الجن. وأراد إعادته بعدهم سيف الإسلام الملك المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب في دولة الملك الناصر أيوب بن طغتكين أبن أيوب بن شاذي فأشار بعض الفضلاء بتركه. فقلت لعمرو بن علي بن مقيل: هل في ذروته عمارة؟ فقال: ما كان يسكنه إلا من خاف وفيه آثار حيطان قد اندثرت وجدرات قد إنهدمت وصهاريج قد خربت ودرج قد تقلعت. قات: فهل كان عليه سور؟ قال: إنّ الجبل هو سور بذاته ة إذا أصاب عرب هذا الزمان في هذه البلاد خوف أو جور من السلطان صعدوا بأنعامهم ودوابهم إلى القاعدة وقعدوا بها آل أن تأمن البلاد فحينئذ يطلبوا البلاد. فإذا قل على سكانها الماء يعني من الصهريج التي بها وهي خراب أصعد إليها الماء من لحف الجبل من ثلاث آبار إحداها بئر عبدل مشرفة على المحجة والثانية بئر يعوم والثالثة بئر ثنية. فقالت هذه الآبار حفرتها الأوائل؟ قال: بل مستجدة أستجدت في هذا العصر.
[صفة وادي عبرة]
والحصن مشرف على البحر وقد خرج قسطرس جبل بادٍ في البحر طول فرسخ طريق شبه خط الاستواء. ويقال إنّ باني الحصن أراد أن يخرب القاد مما يلي المشرق إلى البحر ويدخل عليه فلم يقدر عليه لقوة الصخر. وكان غرضه أن يقطع الطريق على المراكب لأنه لو اتفق بهم لكان يستظهر على اخذ المركب لصعوده فوق الريح وبقاء المركب تحت الريح. فلما لم يتم له قال بتركه والآن هو مغاص اللؤلؤ الجيد. وبقى من الآبار بئر عبدل مع جبل الردادين وبها كانت وقعة العرب مع العرب وهي وقعة مشهورة سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وبئر أبي بكر شنلو العقربي وقد بنى على البئر مسجدا سنة اثنين وعشرين وستمائة. وإلى المزحجة ثلاث فراسخ وهي بئر ماحة في أرض عرب يقال لهم العقارب. وإلى البيضاء فرسخين وتعرف بسيخة الغراب وتسمى قاع الغراب. وقد كان عند البحر وعلى يسار الدرب بئر تسمى المخنق بناها القائد حسين بن سلامة وليس في الربع المسكون أحلى ولا أخف من مائها على الفؤاد. وجواز القوافل على ساحل البحر. وإلى رباك فرسخين، وهي قرية كانت عامرة وقد عمر بها الأمير ناصر الدين فاروث بستانا حسنا وحفر بها انهارا وغرس بها النارنج والأترنج والموز والنارجيل. ويقال إنّ الناخوذة عمر الآمدي غرس شجر الشكي البكي وهو شجر يخرج من بدن الشجر بخلاف جميع الأشجار، والبركى غرسه سنة خمس وعشرين وستمائة. وحفر بها برك وبها حفرة تسمى الأسد في سالف الدهر كانت الخلق تحج إليها من أبين ولحج وما حولها من القرى في أول شهر الله الأصب رجب. وإلى المكسر فرسخ، قنطرة بناها الفرس الذين تولوا عدن على سبع قواعد، ويقال إنما بناها شداد بن عاد في الأصل. حدثني يحيى بن يحيى بن علي بن عبد الرحمن الزراد قال: إنما بناها رجل جبلي سنة خمس مائة، ويسمى المزف وكان في الأول لا يعدون هذا الموضع إلا بسنابيق وكذلك الماء والحطب. وإلى جبل حديد نصف فرسخ، ويقال إنّه جبل حديد جاء بعض أرباب المخبرة وسبك من هذا الجبل بهارين ونصف حديد وغار المعدن عن أعين الخلق ويقال إنّ الرجل السباك قتل لأجل سبكه الحديد، وفي لحفه مسجد بني بالحجر والجص. وإلى المياه ربع فرسخ. وإلى عدن ربع فرسخ.