فصل خرج أهل اليمن في أيام سعد الخزاعي وهو من جملة التبابعة لاستفتاح المغرب فلما استفتحوها طابت لهم سكناها، ومن جملتها مدينة صنهاجة. ولمّا كسر النبي (الأصنام من الكعبة سرقت بنو مقبل لمناة ادخلوه الهند وتفرقوا بأعمال البلد سكنوها. وتنصرت بنو جفنة في أيام أمير المؤمنين عمر أبن الخطاب رضي الله عنه لأجل لطمة دخل بعضهم إلى القسطنطينية وإلى بلاد الادعوان وهم مناجمين أهل المغرب. وفيهم قال أبو تمام، ولمّا دعا اسحق بن إبراهيم عليه السلام لولده يعقوب بالنبوة اغتاظ العبص دخل حرز الافرنج مع جماعة من بني إسرائيل توطنوها فولد الإفرنج منهم. وبنو عجل أخرجهم ربيعة والأصح المرقعة اسكنوها خراسان. وصار ملك خوزستان على الرعية انتقلوا إلى أعمال الكر سكنوها. وخرج جيش عرب من بني تميم في أيام عمر بن عبد العزيز بن مروان استفحلوا السند فلما طابت لهم سكنوها فظهر منهم الكوكر والحمت والسه وحاجر. وخرج جيش من إنطاكية في أيام عبد الملك بن مروان إلى المغرب فلما طابت لهم سكنوها ظهر منهم الملئمين، ويقال انهم من نسل مظلوم بن الصحصاح بن جندب الكلابي في الترجمة وهم من أخيار وكبار خوارزم أخذهم السلطان محمود بن سبكتكين نفاهم إلى أرض الهند فلما طابت لهم سكنوها. ولمّا خرجت الاباضية على علي بن أبي طالب بأرض اليمن من أعمال العراق ولوا الأدبار ولا زال السيف ورائهم إلى إنّ عبرهم البحر سكنوا إقليم عمان. وأهل طرابلس المغرب وتحولوا في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى باري وتولية. وبنو كنانة اخرجوا الإفرنج من عسقلان وسكنوها فلما تخربت تفرقوا في أكناف البلاد. وبنو حية خرجوا من الشام في أيام دولة الإمام أبي عبد الله جعفر المنصور وسكنوا المغرب. ولمّا غزا بخت نصر بني إسرائيل الشام سكنوا اليهود نهر السبت مما يلي ظهر الحجاز. ولمّا قويت صلة السلطان معز الدنيا والدين أبو المظفر محمد بن سالم على الخوارزمية نزل من نيسابور ألف رجل مكتفين الأيدي مكشفين الرؤوس حفاة مشنقين في حبال المنجنيقات شتت شملهم ومزق جمعهم في أقاصي إقليم الهند. ولمّا قويت شوكة السلطان علاء الدين أبو الفتح محمد بن تكش على الخطأ والتتار ساق منهم من أراد وأسكنهم أعمال كرمسل. ولمّا قويت شوكت الترك على السلطان علاء الدين محمد نقلوا المسلمين من خراسان إلى بغداد وأوراق الشجر والقصران إلى أن عبرهم سيحون. شعر:
خليلي نومي عن جفوني مسهد ... وقل اصطباري بعدهم والتجلدُ
فقلبي عن الأحباب لا يقبل العزا ... وجفني قريح بالدمع مسهدُ
وإني حزين كلما مر ذكرهم ... بنو لكم بعضي وبعضي مفردُ
لئن جمعت بيني الليالي وبينكم ... وعاد زمان الوصل بالوصل مسعدُ
أصوم لوجه الله دهري تطوعا ... وألصق وجهي بالتراب وأسجدُ
وبعض أهل صنعاء وجميع أهل المشرق على مذهب الزيدية وهو مذهب الأمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وينسلخ من الزيدية المخترعة والمطرقة وهم الذين يقال لهم الصالحية والجارودية لبسهم الخام لبرودة البلاد ولبس شبابهم الفتوحى والله اعلم.