حدثني أبو علي أحمد بن علي بن آدم البزلي قال: كان حصن الهجوم جبل مدور في وسط قاع صفصف فجاء الأنباط وهم من نسل اليونانيين النصارى ويقال الروم وقد بقى من تذاكيرهم طي القنوات ومجاري الأعين وحجر الطواحين التي يطحن عليها القرظ لأجل دباغة الأديم. قال الراوي: ودور كل حجر منها ثمانية أذرع في الارتفاع إلى سبعة أذرع. وليس هذا من عمل العرب لأنهم لا يتدبر لهم فيه عمل ولا يستدبر لهم في أيديهم ولا يتصور في خواطرهم بل هذا وما أشبهه من عمل الجبابرة وحكمة الأوائل. وما ذكرت ذلك الأحكام إلا لما نذكره من بناء الحصن وذلك أن الأنباط جاءوا وبنوا حول الجبل الحجر المنقوش المربع طول كل حجر منه سبعة أذرع في عرض ثلاثة أذرع ولا زال القوم في بنائه إلى أن حاذى البناء ذروة الجبل، فلما استتم البناء به على حسب المراد بما أراد الفكر بنوا بعده الأسوار والأبراج وهو على وضع ما تقدم ذكره. وركب عليه باب واحد وحفر في داخل القلعة بئر عظيم فظهر في البئر مع تمام الحصن الوافر ماء يحاكي الشهد في حلاوته والماء ورد في رائحته وعين الحيوة في صفاته. فلما دار الدهور بالسنين والشهور ارتدم ما بين الأمة من التقارب والاتصال تقاربت بهم الآجل وتباعدت عنهم الأحوال إلى أن أظهر الله عز وجل الإسلام ففتحها النبي (بالسيف. وبقى الحصن على حاله إلى أن وصل ملك الحجاز إلى الأمير عز الدين أبي قتادة بن إدريس فأمر بهدم الحصن فهدم خوف أن لا يعصيه فيه أحد من الأعراب ويبقى الحصن خراب إلى الآن خراب إلى الآن ويسمى عند أهلها حصن الغراب.
[ذكر الوهط]
حدثنا معبد بن عبد الرحمن المخزومي قال حدثنا شعيب عن عمرو بن دينار قال: كتب عمرو بن العاص في وصيته وذلك في الوهط وجعلها صدقة لاتباع ولا توهب ولا تورث: وهي للأكبر من أولادي المتبع فيها عهدي وأمري فان لم يقم بعهدي ولا أمري فليس له ولاء، يعني بذلك الوهط، حتى يرثه الله تعالى قائماً على أصوله. حدثنا محمد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: عرش عمرو بن العاص في الوهط مائة ألف عود كل بدرهم. والوهط قرية من أعمال الطائف بينهما ثلاثة أميال فكان كل فاكهة الطائف ومكة من ذلك الوهط. حدثنا محمد بن موسى القطان قال حدثنا محمد بن الحجاج الثقفي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عم عطاء عن أبن عباس قال: كان الطائف من أرض فلسطين فلما قال إبراهيم: ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم قال فرفع الله تعالى له موضعاً إلى الطائف في موضعها. قال حدثني محمد أبن فارس القرشي قال لي: ما بقى في الوهط من الشجر سوى شجرة توت وهي إلى الآن وقف عليهم.