ويعني بهما معاذ وعبد النبي فإنهما توليا على زبيد وبعض الجبال مدة ستة عشر سنة وأرادوا على زبيد سوراً ثالثاً. وبعدهم ملك الغز البلاد فأول من ملكها شمس الدين والدولة توران شاه بن أيوب عامين، وبعده سيف الدولة مبارك بن كامل بن مقلد بن منقذ وبعده أخوه خطاب عامين. وبعده سيف الإسلام طغتكين بن أيوب، أدار على البلد سورا وركب على السور أربعة أبواب: باب غلافقة ينفذ إلى غلاففة، وباب سهام ينفذ إلى سهام، وباب الشبارق ينفذ إلى حصن قوارير، وباب القرتب ينفذ إلى الجبل، بالطين واللبن في عرض عشرة اذرع. قال أبن المجاور: عددت أبراج زبيد فوجدتها مائة برج وتسعة أبراج بين كل برج وبرج ثمانون ذراعا ويدخل في كل برج عشرون ذراعا الأبراج فإنه مائة ذراع يصح دور البلاد عشرة آلاف ذراع وتسعمائة ذراع. وأقام متمكنا ستة عشر سنة. وحدثني بعضهم في مسجد السدرة يوم الخميس عشر من ذي القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة قال: إنّ سيف الإسلام أراد أن يدير حول البلد سوراً ثانيا. ذا طول وسعة وأمر الجند أن يسكنوا ما بين السورين بدوابهم وأموالهم فلما بني السور وفرغ منه مات ولم يمكنه مراده. فتولى بعده الملك المعز إسماعيل بن طغتكين ست سنين، وبعده الأكراد ستة، وبعدهم أتابك سنقر عشر سنين، وبعده الملك الناصر أيوب بن طغتكين عامين، وبعده الخواتين ثلاثة شهور، وبعدهن غازي بن جبريل ثلاثة أيام ويقال سبعة أيام، وبعده سليمان شاه بن عمر بن شاهنشاه بن شاذي، ويقال سبعة شهور وبعده الملك المسعود يوسف بن محمد بن أبي بكر بن يعقوب.
[ذكر الجنابذ وقتل الصليحي]
هي ثلاث قباب مبنيات بالآجر المحكوك والجص قريب بعضها من بعض يكون ما بين كل واحد إلى الآخر مقدار أربعة أذرع، بناه الأمير علي بن محمد الصليحي. وأراد أن يبني من زبيد إلى مكة في كل مرحلة من المراحل مسجدا ورباطا يذكر به بعد موته ولا زال يبني إلى أن وصل المهجم ونزل بظاهرها بضيعة يقال لها بئر أم الديهم وبئر خيمة أم معبد. قال سعيد الأحول بن نجاح: لمّا دخلنا إلى المخيم لم يشعر بنا إلا عبد الله بن محمد فركب وقال: يا مولاي أركب فهذا والله الأحول بن نجاح والعدد الذي جاء به كتاب اسعد بن شهاب البارحة من زبيد. فقال الصليحي لأخيه عبد الله: إني لا أموت إلا ببئر أم الدهيم وخيمة أم معبد، ظانا أنها أم معبد التي نزل بها النبي (حين هاجر ومعه أبو بكر. فقال رجل لعلي: قاتل عن نفسك فهذه والله بئر أم الديهم بن عبس وهذا المسجد هو خيمة أم معبد بنت الحارث العبسي. قال جياش: فأما الصليحي فأدركه رفق اليأس من الحياة فأراق الماء في سراويله ولم يرم من مكانه حتى قطعنا رأسه بسيفه وكنت أول من طعنه وشركني فيه عبد الملك بن نجاح بطعنة وأنا جزرت رأسه بيدي ونصبته في عود المظلة. وفيه العثماني يقول:
ما كان أقبح وجهه في ظلها ... ما كان أحسن رأسه في عوده