نزل الجراد في قرب قبيلة زيد ونزل جراد قرب قبيلة عمرو. فقام أهل قبيلة زيد قالوا لأهل قبيلة عمرو: ها نحن نصيد جراداً احتمى بكم. فلما سمعت قبيلة عمرو ذلك قالت: لا سمع ولا طاعة ولا نمكنكم من صيد جوارنا. فقام القتال بين الفريقين ولا زالوا على القتال إلى أن قتلوا هاتين القبيلتين. وانشد عمرو يقول:
ومنا من أجار جراد نجد ... وحرمه على المتصيدينا
[فصل]
مرض زيد مرضاً شديداً إلى أن تعبت الأطباء من علاجه لقلة ملاقاة أدويته. فلما اشرف على الهلاك قال الطبيب لقرابته: أطعموه ما اشتهى وأراد فأنه من الهالكين! وصار المريض يأكل ما اشتهى وأراد إلى بعض الأيام فدار في خاطره الجراد فاشترى وأمعن في الأكل منه، فلما اكثر منه تعافى من مرضه. وشاهده الطبيب فقال: بالله عليك اخبرني بما تناولت من المعاجين أو شربت من الأشربة وما غداؤك من المآكل فقال: الجراد. فقال الطبيب: صدقت لان الجراد يكون قد قعد على حشائش يأكل منها، ولم تصل منفعتها إلى فهم مخلوق إلى الآن ووافق خاصية تلك الحشائش لذاتك برئت وكان الجراد واسطة لعافيتك، والله إني نظرت في جميع كتب الطب على أن اعرف لدائك دواء فما صح لي من ذلك فقلت بترك الحمية لك والله اعلم.
[ذكر زواج أهل نجد]
حدثني سليمان بن المنصور قال: إنّ جميع أعمال الجبال وجميع أهل البوادي والبدو وتهامة ونجد يزجرون بنائهم ولم يورثون البنت شيئاً بل إذا كانت البنت باكراً تجهز وتزوج من مال أبيها، وإنّ كانت البنت ذات عيال فقد استراحت عواذلي من عتابي، وكل امرأة يقل أهلها وعشيرتها يقل خطابها. فإذا عجزت عن مقاساة نعمها ومواليها تركب هودج عالي وتساق نعمها إلى سوق في وعدة ويقوم لها منادٍ ينادي عليها: ألا من يطلب عروساً وذودا؟ فان كانت راجعاً ينادي عليها: ألا ومن يطلب بحبح ودوب، والبحبح هي امرأة ثيب والدواب مالها ونعمها من٠٠٠٠٠ وأمانات. فكل من يرغب فيها وفي مالها تزوج بها فإذا أبوها أو أخوها أو أبن عمها أو بعض قرابتها يقول للرجل: تزوج بها يا وجه العرب، وإذا قل رغبتك فيها فأنت وكيلها في زواجها زوجها من شئت!! وانشد بعضهم:
عليك بصعبات القياد ولا تقع ... برجلك في مدووسة قد أذلت
إنّ أكرمتها قالت: قد أكرمت من قبل ذا ... وإنّ هنتها قالت: بل النعلي زلت
وقال آخر:
يا مبشري بابا ويا زوج راجع ... أبشرتك الخسران من يوم راجع