للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وإذا ترك البغاة القتال حرم قتلهم، وقتل مدبرهم وجريحهم" لقول مروان: "صرخ صارخ لعلي يوم الجمل: لا يقتلن مدبر، ولا يذفف على جريح، ولا يهتك ستر، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن"١ رواه سعيد. وعن عمار نحوه. وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "يا ابن أم عبد: ما حكم من بغى على أمتي؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم. فقال: "لا يقتل مدبرهم، ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يقسم فيئهم" ٢ وعن أبي أمامة قال: شهدت صفين، فكانوا لا يجيزون على جريح، ولا يطلبون موليا، ولا يسلبون قتيلا ولأن المقصود دفعهم فإذا حصل لم يجز قتلهم كالصائل.

"ولا يغنم مالهم، ولا تسبى ذراريهم" لا نعلم في ذلك خلافا بين أهل العلم، لأن مالهم مال معصوم، وذريتهم معصومون لا قتال منهم ولا بغي.

"وبجب رد ذلك إليهم" لأن أموالهم كأموال غيرهم من المسلمين، وإنما أبيح قتالهم للرد إلى الطاعة. وعن علي أنه قال يوم الجمل: من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه، فعرف بعضهم قدرا مع أصحاب


١ قوله: ولا يذفف: بالذال المفتوحة، بعده فاء مشددة، ثم فاء مخفضة على صيغة البناء للمجهول، وهو في معنى: يجهز. قال في القاموس: دف على الجريح: أجهز. وقال أيضا في مادة جهاز، وجهز على الجريح: كمنع، وأجهز: أثبت قتله وأسرعه وتمم عليه.
٢ قال صاحب اللسان: أجاز أمره يجيزه إذا أمضاه، وجعله جائزا. وفي حديث أبي ذر، رضي الله عنه "قبل أن تجيزوا علي" أي: قبل أن تقتلوني، وتنفذوا في أمركم.

<<  <  ج: ص:  >  >>