لم يجز إلا أن يحسبه من دينه، لما روى ابن ماجة عن أنس مرفوعاً:"إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه، أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك" وروى الأثرم أن رجلاً كان له على سماك عشرون درهماً، فجعل يهدي إليه السمك ويقومه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهماً، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم وإن كتب له به سفتجة١ أو قضاه في بلد آخر، أو أهدى إليه بعد الوفاء فلا بأس بذلك. قاله في الكافي. وإن شرط أن يوفيه في بلد آخر، أو يكتب له به سفتجة، فروى عن أحمد: أنه لا يجوز. وكرهه الحسن ومالك والشافعي، وصححه في الإنصاف، وجزم به في الوجيز. وعنه: يجوز. اختاره الشيخ تقي الدين، وصححه في النظم والفائق. وذكر القاضي أن للوصي قرض مال اليتيم في بلد، ليوفيه في آخر، ليربح خطر الطريق. حكاه في المغني. قال: والصحيح جوازه، لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما، والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها، ولما روي أن ابن الزبير كان يأخذ من قوم بمكة دراهم، ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق، فيأخذونها منه فسئل عن ذلك ابن عباس فلم ير به بأساً وروي عن علي أنه سئل عن مثل ذلك فلم ير به بأساً انتهى.
[ومتى بذل المقترض ما عليه بغير بلد المقرض - ولا مؤنة لحمله -
١ السفتجة: بضم فسكون ففتحتين. وهو أن يعطي مالا لآخر، وللآخر مال في بلد المعطي فيوفيه إياه هناك فيستفيد أمن الطريق. انتهى، من القاموس بمعناه.