للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآيات (١٢٣ - ١٢٨)

* * *

* قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: ١٢٣ - ١٢٨].

* * *

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ} مَا {أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ} مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ {آيَةً} بِنَاءً عَلَمًا لِلْمَارَّةِ {تَعْبَثُونَ} بِمَنْ يَمُرّ بِكُمْ وَتَسْخَرُونَ مِنْهُمْ، وَالجُمْلَةُ حَالٌ مِن ضَمِير (تَبْنُونَ)].

قَوْلهُ: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} عادٌ همْ قومُ هُودٍ، ولهذا قال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ}، ومَحَلُّ هؤُلاءِ القومِ في الرَّبْع الخَالِي في الأَحْقَافِ، قال تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} [الأحقاف: ٢١]، فهؤُلاءِ القومُ معروفونَ بالقُوَّةِ والشدَّة إلى حَدِّ أنَّهم قالُوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: ١٥]؛ فإِنَّهم مُسَيْطِرونَ.

وأمَّا المبالغةُ الَّتي يَذْكُرها المُفَسِّرون والمؤرِّخون في كِبر أَجسادِهِم وقوَّتِهم، فاللهُ أعلمُ بها، ولكنَّهم بلا شَكّ قومٌ أقوياءُ، وعُتَاة، يَعْنِي: جُفاة القُلوب، أقوياء الأبدان، فهم مَعروفونَ بالقُوَّة، ولكن الله تَعالَى أرادَ أنْ يوبّخهم ويُقِيمَ الحُجَّة عليهم في قَوْلهِ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ} [فصلت: ١٥]، جعلهم يَطْمَئِنُّونَ، يَعْنِي: يُخْفِضُون رُءُوسهم، {الَّذِي خَلَقَهُمْ} فهم مخلوقونَ، وهو خالِق، فلا بُدَّ ضرورةً

<<  <   >  >>