للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:
رقم الحديث:

مِمَّا لَا شكّ فِيهِ عِنْد الباحثين فِي أَمر الخطوط وتولد بَعْضهَا من بعض أَن الْخط الْعَرَبِيّ الْمَعْرُوف بالخط الْكُوفِي قد تولد من الْخط السرياني الْمَعْرُوف بالخط السرتجيلي وَيدل على ذَلِك أُمُور

الأول شدَّة التشابه بَين الخطين بِحَيْثُ يظنّ النَّاظر فِي أول الْأَمر أَنَّهُمَا من نوع وَاحِد

الثَّانِي أَن الْحُرُوف المفصولة عَمَّا بعْدهَا فِي الْخط السرياني وَهِي الْألف وَالدَّال وَالرَّاء وَالزَّاي وَالْوَاو وَالتَّاء وَالصَّاد وَالْهَاء هِيَ الْحُرُوف المفصولة عَمَّا بعْدهَا فِي الْخط الْعَرَبِيّ وَيسْتَثْنى من ذَلِك التَّاء وَالصَّاد وَالْهَاء فَإِن الْعَرَب التزمت وَصلهَا

الثَّالِث أَن الْعَرَب كَانُوا كالسريانيين يعدون حُرُوف الهجاء على نسق أبجد فَيَقُولُونَ أبجد هوز خطي كلمن سعفص قرشت

وَلما رَأَوْا أَن فِي لغتهم سِتَّة أحرف لم تُوجد فِيهَا زادوا لفظتين وهما ثخذ ضظغ

فَاجْتمع بذلك شَمل الْحُرُوف الْعَرَبيَّة

وَلما رأى الْعَرَب أَن هَذِه الْحُرُوف السِّتَّة لَيْسَ فِيهَا صور فِي الْخط السرياني لعدم الِاحْتِيَاج فِيهِ إِلَى ذَلِك عَمدُوا إِلَى كل حرف مِنْهَا فنظروا إِلَى الْحَرْف الَّذِي يُنَاسِبه فجعلوه على صورته فَنَشَأَ من ذَلِك أَن صَارَت الثَّاء مَعَ التَّاء وَالْخَاء مَعَ الْحَاء والذال مَعَ الدَّال وَالضَّاد مَعَ الصَّاد والظاء مَعَ الطَّاء والغين مَعَ الْعين على صُورَة وَاحِدَة

وَقد اسْتحْسنَ ذَلِك مِنْهُم بعض الْمُحَقِّقين فِي اللُّغَات السامية ووصفهم بالبراعة حَيْثُ قَالَ إِن الْعَرَب لما رَأَوْا أَن صور الْحُرُوف فِي الْخط السرياني اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ والحروف الْعَرَبيَّة ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ لم يخترعوا صورا جَدِيدَة للحروف المختصة بهم كَمَا فعل بعض الْأُمَم الغربية الشمالية وَلَا اتَّخذُوا طَريقَة وضع صُورَتَيْنِ أَو أَكثر لكل حرف من الْحُرُوف المختصة بهم كَمَا فعل اللاتين فِي الْفَاء وَالْخَاء والثاء وَالرَّاء اليونانيات وكما فعل من اقتفى من الْأُمَم الغربية حِين

<<  <  ج: ص: