للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهنا أُمُور يَنْبَغِي الانتباه لَهَا

الْأَمر الأول أَن الْمُحدثين قَلما يحكمون على الحَدِيث بِالِاضْطِرَابِ إِذا كَانَ الِاخْتِلَاف فِيهِ وَاقعا فِي نفس الْمَتْن لِأَن ذَلِك لَيْسَ من شَأْنهمْ من جِهَة كَونهم محدثين وَإِمَّا هُوَ من شَأْن الْمُجْتَهدين

وَإِنَّمَا يحكمون على الحَدِيث بِالِاضْطِرَابِ إِذا كَانَ الِاخْتِلَاف فِيهِ وَاقعا فِي نفس الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ من شَأْنهمْ

وَذَلِكَ لِأَن الِاطِّلَاع على مَا فِي الْإِسْنَاد من عِلّة على مَا يَنْبَغِي يعسر على غَيرهم بِخِلَاف الِاطِّلَاع على مَا فِي الْمَتْن من عِلّة سَوَاء كَانَ فِيهِ اضْطِرَاب أم لَا فَإِنَّهُ سهل الْمدْرك فَلذَلِك صرفُوا جلّ عنايتهم إِلَى بَيَان مَا يتَعَلَّق بِالْإِسْنَادِ ليكفوا غَيرهم مؤونة ذَلِك وَلذَلِك تتعرض لذكر مَا وَقع فِيهِ الِاضْطِرَاب من جِهَة الْمَتْن وَإِنَّمَا تعرضوا للمضطرب لِأَنَّهُ دَاخل فِي المعل فانتبه لذَلِك

الْأَمر الثَّانِي لِأَن المضطرب قد يكون صَحِيحا وَذَلِكَ فِي مثل مَا إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي اسْم رجل أَو أَبِيه أَو نسبته أَو نَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يضر بعد مَا ثَبت كَونه ثِقَة وَيحكم لذَلِك الحَدِيث بِالصِّحَّةِ مَعَ تَسْمِيَته مضطربا

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيث كَثِيرَة من هَذَا الْقَبِيل وَلذَا قَالَ بعض الْعلمَاء وَقد يدْخل الْقلب والشذوذ وَالِاضْطِرَاب فِي قسم الصَّحِيح وَالْحسن

الْأَمر الثَّالِث قد وَقع الِاخْتِلَاف فِي الصَّلَاة الكائنة فِي قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ فَإِن الرَّاوِي شكّ فِيهَا مرّة وَلم يدر أَهِي الظّهْر أَو الْعَصْر وَقَالَ مرّة إِحْدَى صَلَاتي الْعشي إِمَّا الظّهْر وَإِمَّا الْعَصْر وَجزم مرّة بالعصر وَقَالَ مرّة أكبر ظَنِّي أَنَّهَا الْعَصْر

وَقد روى النَّسَائِيّ مَا يشْهد لِأَن الشَّك فِيهَا كَانَ من أبي هُرَيْرَة وَلَفظه صلى النَّبِي ص = إِحْدَى صَلَاتي الْعشي قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَلَكِنِّي نسيت

قَالَ بعض الْعلمَاء وَالظَّاهِر أَن أَبَا هُرَيْرَة رَوَاهُ كثيرا على الشَّك وَكَانَ رُبمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>