لِأَن الْوَاجِب حِينَئِذٍ الْأَخْذ بالراجحة وَترك المرجوحة لكَونهَا إِمَّا شَاذَّة أَو مُنكرَة وَكَذَلِكَ إِن أمكن الْجمع بَين تِلْكَ الرِّوَايَات
وَالِاضْطِرَاب قد يكون فِي الْمَتْن وَقد يكون فِي السَّنَد وَقد يكون فيهمَا
وَمِثَال الِاضْطِرَاب فِي الْمَتْن فِيمَا أوردهُ الْعِرَاقِيّ حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس قَالَت سَأَلت أَو سُئِلَ النَّبِي ص = عَن الزَّكَاة فَقَالَ إِن فِي المَال لَحقا سوى الزَّكَاة
وَهَذَا حَدِيث قد اضْطربَ لَفظه وَمَعْنَاهُ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا من رِوَايَة شريك عَن أبي حَمْزَة عَن الشّعبِيّ عَن فَاطِمَة
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ لَيْسَ فِي المَال حق سوى الزَّكَاة
فَهَذَا اضْطِرَاب لَا يحْتَمل التَّأْوِيل
وَقَول الْبَيْهَقِيّ إِنَّه لَا يحفظ لهَذَا اللَّفْظ الثَّانِي إِسْنَادًا معَارض بِمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه هَكَذَا
وَقَالَ بَعضهم إِن مَا ذكره لَا يصلح مِثَالا فَإِن شيخ شريك ضَعِيف فَهُوَ مَرْدُود من قبل ضعف رَاوِيه لَا من قبل اضطرابه
نعم إِنَّه يزْدَاد بِالِاضْطِرَابِ ضعفا
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مِمَّا يُمكن تَأْوِيله بِأَنَّهُ يُمكن أَن تكون رَوَت كلا من اللَّفْظَيْنِ عَن النَّبِي ص = وَأَن المُرَاد بِالْحَقِّ الْمُثبت الْمُسْتَحبّ وبالمنفي الْوَاجِب
وَقَالَ بَعضهم قل أَن يُوجد للاضطراب فِي الْمَتْن مِثَال سَالم من الخدش فَإِن الْأَمْثِلَة الَّتِي يوردونها مِنْهَا مَا يُمكن الْجمع فِيهِ بَين الرِّوَايَات وَمِنْهَا مَا يكون بعض الرِّوَايَات فِيهِ راجحة وَفِي الْحَالين لَا يبْقى الِاضْطِرَاب
وَمِثَال الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد حَدِيث أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ يَا رَسُول الله أَرَاك شبت قَالَ شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا
فَهَذَا مُضْطَرب فَإِنَّهُ لم يرو إِلَّا من طَرِيق أبي إِسْحَاق السبيعِي
وَقد اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ فَمنهمْ من رَوَاهُ عَنهُ مُرْسلا وَمِنْهُم من رَوَاهُ مَوْصُولا وَمِنْهُم من جعله من مُسْند أبي بكر وَمِنْهُم من جعله من مُسْند سعد وَمِنْهُم من جعله من مُسْند عَائِشَة
وَقد وَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ على نَحْو عشرَة أوجه أوردهَا الدَّارَقُطْنِيّ وَرُوَاته ثِقَات لَا يُمكن تَرْجِيح بَعضهم على بعض وَالْجمع مُتَعَذر