فقد ذكرنَا هَذِه الْأَسَامِي ليستدل بهَا على جمَاعَة من أَتبَاع التَّابِعين لم نذكرهم وَيعلم بذلك أَن معرفَة التباع نوع كَبِير من الْعلم
ذكر النَّوْع السَّادِس عشر من عُلُوم الحَدِيث
هَذَا النَّوْع فِي معرفَة الأكابر الروَاة عَن الأصاغر وَشرح هَذِه لامعرفة أَن طَالب هَذَا الْعلم إِذا كتب حَدِيثا لليث عَن عبد الله بن صَالح لَا يتَوَهَّم أَن الرَّاوِي دون الْمَرْوِيّ عَنهُ كَذَلِك إِذا روى حَدِيثا لِابْنِ جريح عَن إِسْمَاعِيل بن علية وَمَا أشبه هَذَا ومثاله فِي الرِّوَايَات كثير
والمثال الثَّانِي لهَذَا النَّوْع أَن يروي الْعَالم الْحَافِظ الْمُتَقَدّم عَن الْمُحدث الَّذِي لَا يعلم غير الرِّوَايَة من كِتَابه فَيَنْبَغِي للطَّالِب أَن يعلم فضل التَّابِع على الْمَتْبُوع
مِثَال هَذَا رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب عَن عبد الله بن دِينَار وأشباهه وَرِوَايَة احْمَد وَإِسْحَاق عَن عبيد الله بن مُوسَى وأشباهه وَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَجْرُوح بل كلهم من أهل الصدْق إِلَّا أَن الروَاة عَنْهُم أَئِمَّة حفاظ وهم محدثون فَقَط وَقد رَأَيْت فِي زَمَاننَا من هَذَا النَّوْع مَا يطول ذكره اهـ
قَالَ بعض أهل الْأَثر هَذَا نوع مُهِمّ تَدْعُو إِلَيْهِ الهمم الْعَالِيَة وَالنَّفس الزاكية وَقد قيل لَا يكون الرجل مُحدثا حَتَّى يَأْخُذ عَمَّن فَوْقه وَعَمن هُوَ مثله وَعَمن هُوَ دونه
وَمن فَوَائِد مَعْرفَته الْأَمْن من أَن يظنّ الانقلاب فِي السَّنَد والأمن من أَن يتَوَهَّم كَون الْمَرْوِيّ عَنهُ أكبر أَو أفضل نظرا إِلَى أَن الْأَغْلَب كَون الْمَرْوِيّ عَنهُ كَذَلِك فتجهل منزلتهما