وَقد اعْترض على الْفَخر فِي هَذَا الْموضع بعض من يَقُول بِوُقُوع التَّعَارُض فِي كَلَام الشَّارِع على جِهَة التكافؤ فَأتى بِمَا لَا يخرج عَن دَائِرَة الخيال وَاكْتفى بذلك عَن الْإِتْيَان بمثال
الْفَائِدَة الثَّانِيَة
قد ذكر ابْن حزم فِي كتاب الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام مَبْحَث التَّعَارُض وَبَين فِيهِ مسلكه فَأَحْبَبْت إِيرَاد مَا ذكره على طَرِيق التَّلْخِيص قَالَ
فصل فِيمَا ادَّعَاهُ قوم من تعَارض النُّصُوص
قَالَ عَليّ إِذا تعَارض الحديثان أَو الْآيَتَانِ أَو الْآيَة والْحَدِيث فِيمَا يظنّ من لَا يعلم فَفرض على كل مُسلم اسْتِعْمَال كل ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ بعض ذَلِك بِأولى بِالِاسْتِعْمَالِ من بعض وَلَا حَدِيث بأوجب من حَدِيث آخر مثله وَلَا آيَة أولى بِالطَّاعَةِ من آيَة أُخْرَى مثلهَا كل من عِنْد الله عز وَجل وكل سَوَاء فِي بَاب وجوب الطَّاعَة والاستعمال
قَالَ عَليّ وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي أَنه لَا فرق بَين وجوب طَاعَة قَول الله عز وَجل {وَأقِيمُوا الصَّلَاة} وَبَين وجوب طَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أمره أَن يُصَلِّي الْمُقِيم ظهرا وَالْمُسَافر رَكْعَتَيْنِ وَأَنه لَيْسَ مَا فِي الْقُرْآن من ذَلِك بأوجب وَلَا أثبت مِمَّا جَاءَ من ذَلِك مَنْقُولًا نقلا صَحِيحا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانُوا قد اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة الطَّرِيق الَّتِي بهَا يَصح النَّقْل فَقَط
فَإِذا ورد النصان كَمَا ذكرنَا فَلَا يَخْلُو مَا يظنّ بِهِ التَّعَارُض مِنْهُمَا وَلَيْسَ تَعَارضا من أحد أَرْبَعَة أوجه لَا خَامِس لَهَا
الْوَجْه الأول أَن يكون أَحدهمَا أقل مَعَاني من الآخر أَو يكون أَحدهمَا حاظرا وَالْآخر مبيحا أَو يكون أَحدهمَا مُوجبا وَالْآخر نافيا فَالْوَاجِب هَا هُنَا أَن يسْتَثْنى الْأَقَل مَعَاني من الْأَكْثَر مَعَاني وَذَلِكَ