وَأَجَازَ ذَلِك الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ وَجَمَاعَة مِنْهُم أَبُو بكر الْخَطِيب غير أَن الْخَطِيب ذكر أَنه يشْتَرط أَن تكون نسخته نقلت من الأَصْل وَأَن يبين عِنْد الرِّوَايَة أَنه لم يُعَارض وَحكى عَن شَيْخه أبي بكر البرقاني أَنه سَأَلَ أَبَا بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ هَل للرجل أَن يحدث بِمَا كتب عَن الشَّيْخ وَلم يُعَارض بِأَصْلِهِ فَقَالَ نعم وَلَكِن لَا بُد أَن يبن أَنه لم يُعَارض
قَالَ وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أبي بكر البرقاني فَإِنَّهُ روى لنا أَحَادِيث كَثِيرَة قَالَ فِيهَا أخبرنَا فلَان وَلم أعارض بِالْأَصْلِ
قَالَ ابْن الصّلاح وَلَا بُد من شَرط ثَالِث وَهُوَ أَن يكون ناقل النُّسْخَة من الأَصْل غير سقيم النَّقْل بل صَحِيح النَّقْل قَلِيل السقط
ثمَّ إِنَّه يَنْبَغِي أَن يُرَاعِي فِي كتاب شَيْخه بِالنِّسْبَةِ إِلَى من فَوْقه مثل مَا ذكرنَا أَنه يراعيه فِي كِتَابه وَلَا يكونن كطائفة من الطّلبَة إِذا رَأَوْا سَماع شيخ لكتاب قرؤوه عَلَيْهِ من أَي نُسْخَة اتّفقت
الْفَائِدَة الرَّابِعَة
قد ذكر أهل الْفَنّ فِي مَبْحَث كِتَابَة الحَدِيث وَضَبطه أمورا مهمة لَا يسع الطَّالِب جهلها
الْأَمر الأول يَنْبَغِي لكاتب الحَدِيث أَن يَجْعَل بَين كل حديثين دارة تفصل بَينهمَا وتميز أَحدهمَا عَن الآخر
والدارة حَلقَة منفرجة أَو منطبقة وَمِمَّنْ جَاءَ عَنهُ الْفَصْل بَين الْحَدِيثين بالدارة أَو الزِّنَاد وَأحمد بن حَنْبَل وَإِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الْحَرْبِيّ وَمُحَمّد بن جرير الطَّبَرِيّ وَمن الْمُحدثين من لَا يقْتَصر عَلَيْهَا بل يتْرك بَقِيَّة السطر خَالِيا عَن الْكِتَابَة مُبَالغَة فِي الْفَصْل والتمييز وَكَذَا يفعل فِي التراجم ورؤوس الْمسَائِل وَمَا أشبه ذَلِك
وَاسْتحبَّ الْخَطِيب أَن تكون الدارات غفلا فَإِذا عَارض فَكل حَدِيث يفرغ من عرضه ينقط فِي الدارة الَّتِي تليه نقطة أَو يخط فِي وَسطهَا خطا قَالَ وَقد كَانَ بعض أهل الْعلم لَا يعْتد من سَمَاعه إِلَّا بِمَا كَانَ كَذَلِك أَو فِي مَعْنَاهُ
الْأَمر الثَّانِي يَنْبَغِي لِلْكَاتِبِ أَن يحافظ على كِتَابَة الثَّنَاء على الله تَعَالَى عِنْد ذكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute