للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - مثل امْر الله عز وَجل بِقطع يَد السَّارِق والسارقة جملَة مَعَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا قطع إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا فَوَجَبَ اسْتثِْنَاء سَارِق أقل من ربع دِينَار من الْقطع وَبَقِي سَارِق مَا عدا ذَلِك على وجوب الْقطع عَلَيْهِ

وَمثل قَوْله تَعَالَى {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} مَعَ إِبَاحَته الْمُحْصنَات من نسَاء أهل الْكتاب بالزواج فَكُن بذلك مستثنيات من جملَة المشركات وَبَقِي سَائِر المشركات على التَّحْرِيم

وَمثل أمره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن لَا ينفر أحد حَتَّى يكون آخر عَهده بِالْبَيْتِ وَأذن للحائض أَن تنفر قبل أَن تودع فَوَجَبَ اسْتثِْنَاء الْحَائِض من جملَة النافرين

فقد رَأينَا فِي هَذَا الْمسَائِل اسْتثِْنَاء الْأَقَل مَعَاني من الْأَكْثَر مَعَاني وَلَا نبالي فِي هَذَا الْوَجْه كُنَّا نعلم أَي النصين ورد أَولا أَو لَا نعلم ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الْأَكْثَر مَعَاني ورد أَولا أَو ورد آخرا كل ذَلِك سَوَاء وَلَا يتْرك وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر ولكنهما يستعملان مَعًا كَمَا ذكرنَا

الْوَجْه الثَّانِي أَن يكون أحد النصين مُوجبا بعض مَا أوجبه النَّص الآخر أَو حاظرا بعض مَا حظره النَّص الآخر فَهَذَا يَظُنّهُ قوم تَعَارضا وتحيروا فِي ذَلِك فَأَكْثرُوا وخبطوا العشواء وَلَيْسَ فِي شَيْء من ذَلِك تعَارض وَقد بَينا غلطهم فِي هَذَا الْكتاب فِي كلامنا فِي بَاب دَلِيل الْخطاب وَذَلِكَ مثل قَوْله عز وَجل {وبالوالدين إحسانا} وَقَوله فِي مَوضِع آخر {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان} فَكَانَ أمره تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدين غير معَارض للإحسان إِلَى سَائِر النَّاس وَإِلَى الْبَهَائِم بل هُوَ بعضه وداخل فِي جملَته

وَقد غلط قوم فِي هَذَا الْبَاب فظنوا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي سَائِمَة الْغنم كَذَا مُعَارضا لقَوْله فِي مَكَان آخر فِي كل أَرْبَعِينَ شَاة وَلَيْسَ كَمَا ظنُّوا بل الحَدِيث الَّذِي فِيهِ ذكر السَّائِمَة هُوَ بعض الحَدِيث الآخر وداخل فِي عُمُومه وَالزَّكَاة وَاجِبَة فِي السَّائِمَة بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ ذكر السَّائِمَة وَبِالْحَدِيثِ الآخر مَعًا وَالزَّكَاة وَاجِبَة فِي غير السَّائِمَة بِالْحَدِيثِ الآخر خَاصَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>