وَظن قوم أَن قَوْله تَعَالَى {أَو دَمًا مسفوحا} معَارض لقَوْله تَعَالَى لَا {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم} وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا قدمنَا قبل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْء من النُّصُوص الَّتِي ذكرنَا نهي عَمَّا فِي الآخر
لَيْسَ فِي حَدِيث السَّائِمَة نهي عَن أَن يُزكي غير السَّائِمَة وَلَا أملا بهَا فَحكمهَا مَطْلُوب من غير حَدِيث السَّائِمَة
وَلَا فِي إخْبَاره تَعَالَى بِأَنَّهُ خلق الْخَيل لتركب وزينة نهي عَن أكلهَا وبيه \ عها وَلَا إِبَاحَة لَهما فحكمهما مَطْلُوب من مَكَان آخر
وَلَا فِي تَحْرِيمه تَعَالَى الدَّم المسفوح إِخْبَار بِأَن مَا عدا المسفوح حَلَال بل هُوَ كُله حرم بِالْآيَةِ الْأُخْرَى كَمَا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ فِي أمره تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْآبَاء نهي عَن الْإِحْسَان إِلَى غَيرهم وَلَا أَمر بِهِ فَحكم الْإِحْسَان إِلَى غير الْآبَاء مَطْلُوب من مَكَان آخر وَمن فرق بَين شَيْء من هَذَا الْبَاب فقد تحكم بِلَا دَلِيل وَتكلم بِالْبَاطِلِ بِغَيْر علم وَلَا هدى من الله تَعَالَى قَالَ عَليّ فَهَذَا وَجه
وَالْوَجْه الثَّالِث أَن يكون أحد النصين فِيهِ أَمر بِعَمَل مَا مُعَلّق بكيفية مَا أَو بِزَمَان مَا أَو مَكَان مَا أَو شخص مَا أَو عدد مَا وَيكون فِي النَّص الآخر نهي عَن عمل مَا بكيفية مَا أَو فِي زمَان مَا أَو مَكَان مَا أَو عدد مَا أَو عذر مَا وَيكون فِي كل وَاحِد من العملين الْمَذْكُورين اللَّذين أَمر بِأَحَدِهِمَا وَنهي عَن الآخر شَيْء مَا يُمكن أَن يسْتَثْنى من الآخر وَذَلِكَ بِأَن يكون على مَا وَصفنَا فِي كل نَص من النصين الْمَذْكُورين حكمان فَيكون بعض مَا ذكر فِي أحد النصين عَاما