مثل هَذَا الِاحْتِمَال يستبعده الْمُحَقِّقُونَ
نعم يرْتَفع الاستبعاد لَو أَتَت رِوَايَة عَن الْحَارِث تشعر بذلك
على أَن مدَار الْأَمر عِنْد الْمُحَقِّقين إِنَّمَا هُوَ الْبناء على مَا يغلب على الظَّن وَالِاحْتِمَال الْبعيد لَا يعول عَلَيْهِ عِنْدهم
هَذَا وَقد عرف بَعضهم الْقلب فِي الْمَتْن بقوله هُوَ أَن يعْطى أحد الشَّيْئَيْنِ مَا اشْتهر للْآخر
وَيقرب مِنْهُ قَول الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد بن الْجَزرِي هُوَ أَن يكون الحَدِيث على وَجه فينقلب بعض لَفظه على الرَّاوِي فيتغير مَعْنَاهُ وَرُبمَا انعكس وَجعله نوعا مُسْتقِلّا سَمَّاهُ بالمنقلب وَمثل لَهُ بأمثلة مِنْهَا مَا ورد فِي البُخَارِيّ فِي حَدِيث تخاصم الْجنَّة وَالنَّار وَهُوَ أَنه ينشئ الله لَهَا خلقا فذهل الرَّاوِي الآخر فَقلب الْجنَّة بالنَّار فَصَارَ ذَلِك من قبيل المنقلب
والمضطرب هُوَ مَا وَقعت الْمُخَالفَة فِيهِ بالإبدال على وَجه يحصل فِيهِ التدافع مَعَ عدم وجود الْمُرَجح
وَقَالَ ابْن الصّلاح المضطرب من الحَدِيث هُوَ الَّذِي تخْتَلف الرِّوَايَة فِيهِ فيرويه بَعضهم على وَجه وَبَعْضهمْ على وَجه آخر مُخَالف لَهُ
وَإِنَّمَا نُسَمِّيه مضطربا إِذا تَسَاوَت الرِّوَايَتَانِ أما إِذا ترجحت إِحْدَاهمَا بِحَيْثُ لَا تقاومها الْأُخْرَى بِأَن يكون راويها أحفظ أَو أَكثر صُحْبَة للمروي عَنهُ أَو غير ذَلِك من وُجُوه الترجيحات الْمُعْتَمدَة فَالْحكم للراجحة وَلَا يُطلق عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وصف المضطرب وَلَا لَهُ حكمه
ثمَّ قد يَقع الِاضْطِرَاب فِي متن الحَدِيث وَقد يَقع فِي الْإِسْنَاد وَقد يَقع ذَلِك من راو وَاحِد وَقد يَقع من رُوَاة لَهُ جمَاعَة
وَالِاضْطِرَاب مُوجب ضعف الحَدِيث لإشعاره بِأَنَّهُ لم يضْبط
وَقَالَ بَعضهم المضطرب هُوَ الَّذِي يرْوى على أوجه مُخْتَلفَة سَوَاء كَانَ ذَلِك من راو وَاحِد أَو أَكثر فَإِن رجحت إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَو الرِّوَايَات لم يسم مضطربا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute