قَالَ بَعضهم إِنَّه لَا يتعجب من حفظ البُخَارِيّ لَهَا وتيقظه لتمييز صوابها من خطأها لِأَنَّهُ فِي الْحِفْظ بمَكَان وَإِنَّمَا يتعجب من حفظه لتواليها كَمَا ألقيت عَلَيْهِ من مرّة وَاحِدَة
وَقد وَقع الْقلب من بعض الثِّقَات الْأَثْبَات وَذَلِكَ بِغَيْر قصد فقد ذكر أَحْمد فِي مُسْنده عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان أَنه قَالَ حدث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي ص = قَالَ لَا تصْحَب الْمَلَائِكَة رفْقَة فِيهَا جرس
فَقلت لَهُ تعست يَا أَبَا عبد الله يُرِيد عثرت فَقَالَ كَيفَ هُوَ فَقلت حَدثنِي عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن سَالم عَن أبي الْجراح عَن أم حَبِيبَة عَن النَّبِي ص = فَقَالَ صدقت
وَقد اشْتَمَل هَذَا الْخَبَر على شدَّة إنصاف الثَّوْريّ وتواضعه وَعدم أنفته من الرُّجُوع إِلَى الصَّوَاب وعَلى فرط غَيره تِلْمِيذه الْقطَّان على أَمر الحَدِيث حَتَّى خَاطب أستاذه بِمَا خاطبه بِهِ مَعَ عثوره فِي مَوضِع يعثر فِيهِ لِأَن جلّ رِوَايَة نَافِع إِنَّمَا هِيَ عَن ابْن عمر وَإِنَّمَا اتّفق هُنَا أَن كَانَ الْأَمر على خلاف الْمُعْتَاد
وَقد خطأ يحيى الْقطَّان شُعْبَة أَيْضا وَذَلِكَ حَيْثُ حدثوه عَنهُ بِحَدِيث لَا يجد عبد طعم الْإِيمَان حَتَّى يُؤمن بِالْقدرِ
عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ فَقَالَ حَدثنَا بِهِ سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن ابْن مَسْعُود
وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب
وَلَا يَتَأَتَّى ليحيى أَن يحكم على شُعْبَة بالْخَطَأ إِلَّا بعد أَن يتَيَقَّن أَن الصَّوَاب فِي غير رِوَايَته
على أَن الَّذين يميلون للْجمع بِأَيّ حَال كَانَ يَقُولُونَ فِي مثل هَذَا الْوَضع يحْتَمل أَن يكون عِنْد أبي إِسْحَاق على الْوَجْهَيْنِ فَحدث بِهِ كل مرّة بِأَحَدِهِمَا فَإِن