للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١]، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك» (١).

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَتَتبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ، قَالوا: يَا رَسُولَ اللَّه، الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ» (٢).

وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ كَفَارِسِ وَالرُّومِ؟ قَالَ: «وَمَنِ النَّاسُ إِلا أُولَئِكَ» (٣).

«ومشابهة بعض طوائف اليهود والنصارى، وفارس والروم، مما ذمه الله ورسوله وهو المطلوب، ولا يقال: فإذا كان الكتاب والسنة قد دلا على وقوع ذلك، فما فائدة النهي عنه؟ لأن الكتاب والسنة - أيضاً - قد دلا على أنه لا يزال في هذه الأمة طائفة


(١) مختصر اقتضاء الصراط المستقيم ص ٨٨ - ٨٩ بتحقيق د. ناصر العقل.
(٢) صحيح البخاري برقم ٧٣٢٠ وصحيح مسلم برقم ٢٦٦٩.
(٣) صحيح البخاري برقم ٧٣١٩.

<<  <   >  >>