للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ما ورد عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: «من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة» (١). وغير ذلك من الآثار عن الصحابة ومن بعدهم.

«والتشبه بالظاهر يقود إلى التشبه بالباطن؛ لأن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة، وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة، حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد، ثم اجتمعوا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين، أو كانا متهاجرين، وذاك لأن الاشتراك في البلد نوع وصف اختصا به عن بلد الغربة، فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة لهم، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإن اقتضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١]» (٢).


(١) سنن البيهقي الكبرى (٩/ ٢٣٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وروي بإسناد صحيح عن أبي أسامة حدثنا عون عن أبي المغيرة عن عبدالله ابن عمرو قال: من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حُشر معهم يوم القيامة. اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٢٠٠).
(٢) مختصر اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -. تحقيق د. ناصر العقل ص ٢٢٠ - ٢٢١.

<<  <   >  >>