للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل إن التشبه ظاهراً دليل على التشبه باطناً، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: ١١٨].

والحال شاهد على ذلك، فمن تزيا بزي أهل العلم والصالحين وجد من نفسه قوة على الاقتداء بهم، والابتعاد عن خلاف ذلك، والعكس أن من تزيا بزي السفهاء وأهل الفسق، سهل على نفسه متابعتهم وتقليدهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين، هم أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام» (١).

والتشبه منهي عنه وإن لم يقصده فاعله، فعلى سبيل المثال: لو حلق لحيته ولم يقصد التشبه بالكفار، فإن فعله تشبه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى» (٢).

كما يحصل التشبه وإن لم يكن من عمل الإنسان، ويمثل ذلك بالتشبيب، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ


(١) مختصر اقتضاء الصراط المستقيم تحقيق د. ناصر العقل ص ٢٢٠.
(٢) صحيح مسلم برقم ٢٥٩.

<<  <   >  >>