للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ اسْتَأْذن على عمر بن الْخطاب ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لَهُ فَرجع فَفَزعَ عمر فَقَالَ: ألم أسمع صَوت عبد الله بن قيس ائذنوا لَهُ فَقَالُوا رَجَعَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالَ كُنَّا نؤمر بذلك فَقَالَ: لتَأْتِيني على هَذَا بَيِّنَة فَانْطَلق إِلَى مجْلِس الْأَنْصَار فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لَا يشْهد لَك على ذَلِك إِلَّا أصغرنا فَانْطَلق أَبُو سعيد فَشهد لَهُ فَقَالَ عمر لمن حوله خَفِي عَليّ هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألهاني الصفق بالأسواق (قُلْنَا لريبة فِي خصوصه) أَي خُصُوص خبر أبي مُوسَى. قَالَ الْخَطِيب لم يتهم عمر أَبَا مُوسَى وَإِنَّمَا كَانَ يشدد فِي الحَدِيث حفظا للرواية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا) فِي (عُمُومه) أَي خبر الْوَاحِد (وَلذَا) أَي لكَون توقفهم فِي الْبَعْض لريبة فِي خصوصه لَا بِكَوْنِهِ خبر وَاحِد (عمِلُوا) أَي الصَّحَابَة كلهم (بِحَدِيث عَائِشَة) رَضِي الله عَنْهَا (فِي التقاء الختانين) كَمَا فِي حَدِيث أبي مُوسَى فِي صَحِيح مُسلم.

[مسئلة]

خبر (الْوَاحِد فِي الْحَد مَقْبُول: وَهُوَ قَول أبي يُوسُف والجصاص خلافًا للكرخي والبصري) أبي عبد الله (وَأكْثر الْحَنَفِيَّة لنا عدل ضَابِط جازم فِي) حكم (عَمَلي) مَبْنِيّ على الظَّن (فَيقبل كَغَيْرِهِ) أَي كَمَا فِي غير الْحَد من العمليات (قَالُوا تحقق الْفرق) بَينه وَبَين غَيره من العمليات (بقوله) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ادرءوا) أَي ادفعوا (الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) أخرجه أَبُو حنيفَة (وَفِيه) أَي فِي خبر الْوَاحِد (شُبْهَة) وَهِي احْتِمَال الْكَذِب فَلَا يُقَام الْحَد بِخَبَرِهِ (قُلْنَا المُرَاد) بِالشُّبْهَةِ الَّتِي تدرأ الْحُدُود مَا كَانَت (فِي نفس السَّبَب لَا) فِي (الْمُثبت) للْحكم الْمُسَبّب (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن يُرَاد مَا فِي الْمُثبت وَغَيره أَو فِي الْمُثبت فَقَط (انْتَفَت الشَّهَادَة) إِذْ احْتِمَال الْكَذِب فِيهَا مَوْجُودَة (و) انْتَفَى (ظَاهر الْكتاب فِيهِ) أَي الِاسْتِدْلَال فِيهِ إِذْ احْتِمَال التَّخْصِيص والإضمار وَالْمجَاز قَائِم وَاللَّازِم بَاطِل (وإلزامه) أَي هَذَا القَوْل بِأَن يَنْبَغِي أَن يثبت الْحَد (بِالْقِيَاسِ) أَيْضا لِأَن وجوب الْعَمَل بِهِ ثَابت (مُلْتَزم عِنْد غير الْحَنَفِيَّة) وَعِنْدهم غير مُلْتَزم (وَالْفرق لَهُم) بَين خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس فِي هَذَا (بِأَنَّهُ) أَي الْحَد ملزوم لكمية خَاصَّة لَا يدخلهَا الرَّأْي) بِخِلَاف خبر الْوَاحِد فَإِنَّهُ كَلَام صَاحب الشَّرْع وَإِلَيْهِ تعْيين الكميات وَغَيرهَا.

(تَقْسِيم للحنفية) لخَبر الْوَاحِد بِاعْتِبَار مَحل وُرُوده (مَحل وُرُود خبر الْوَاحِد مشروعات لَيست حدودا كالعبادات) من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالْحج وَمَا هُوَ مُلْحق بهَا مِمَّا لَيْسَ عبَادَة مَقْصُودَة كالأضحية أَو معنى الْعِبَادَة فِيهِ تَابع كالعشر أَو لَيْسَ بخالص كصدقة الْفطر وَالْكَفَّارَات (والمعاملات وَهُوَ) أَي خبر الْوَاحِد الْمَشْرُوط فِيهِ الْعقل والضبط وَالْإِسْلَام وَالْعَدَالَة من غير اشْتِرَاط عدد فِي الرَّاوِي (حجَّة فِيهَا خلافًا لشارطي المثني لما تقدم من الْجَانِبَيْنِ) فِيمَا قبل هَذِه المسئلة الَّتِي فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>