[مسئلة]
(إِذا تعَارض الْجرْح وَالتَّعْدِيل فالمعروف مذهبان: تَقْدِيم الْجرْح مُطلقًا) أَي سَوَاء كَانَ المعدلون أقل من الجارحين أَو مثلهم أَو أَكثر مِنْهُم: نَقله الْخَطِيب عَن جُمْهُور الْعلمَاء، وَصَححهُ الرَّازِيّ والآمدي وَابْن الصّلاح وَغَيرهم (وَهُوَ الْمُخْتَار وَالتَّفْصِيل بَين تَسَاوِي المعدلين والجارحين فَكَذَلِك) أَي يقدم الْجرْح (والتفاوت) بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي الْمِقْدَار (فيترجح الْأَكْثَر) من الْفَرِيقَيْنِ على الْأَقَل مِنْهُمَا (فَأَما وجوب التَّرْجِيح) لأَحَدهمَا على الآخر بمرجح (مُطلقًا) أَي سَوَاء تَسَاويا أَو كَانَ أَحدهمَا أَكثر (كنقل ابْن الْحَاجِب فقد أنكر) كَمَا ذكره الشَّيْخ زين الدّين الْعِرَاقِيّ (بِنَاء على حِكَايَة القَاضِي أبي بكر) الباقلاني (والخطيب) الْبَغْدَادِيّ (الْإِجْمَاع على تَقْدِيم الْحَرج عِنْد التَّسَاوِي لَوْلَا تعقب الْمَازرِيّ الْإِجْمَاع) الَّذِي حكيناه وَمنعه إِيَّاه مُسْتَندا (بنقله) أَي الْمَازرِيّ (عَن) عَالم (مالكي يشهر بِابْن شعْبَان) أَنه يطْلب التَّرْجِيح فِي صُورَة التَّسَاوِي، وَلَا يقدم الْجرْح فِيهَا مُطلقًا، وَجَوَاب لَو مَحْذُوف، يَعْنِي لَوْلَا هَذَا التعقب لحكمنا بِبُطْلَان مَا نَقله ابْن الْحَاجِب قطعا (لكنه) أَي ابْن شعْبَان (غير مَشْهُور وَلَا يعرف لَهُ تَابع) وَاحِد فضلا عَن الأتباع (فَلَا يَنْفِيه) قَول ابْن شعْبَان الْإِجْمَاع، وَأورد الشَّارِح عَلَيْهِ أَن الْقَائِل بِعَدَمِ تعْيين الْعَمَل بالتعديل إِذا كَانَ الْجَارِح أقل، بل يطْلب التَّرْجِيح قَائِل بِعَدَمِ ذَلِك للترجيح فِي صُورَة التَّسَاوِي بطرِيق أولى فتنخدش دَعْوَى الْإِجْمَاع، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون كل من هذَيْن ذهب إِلَى مَا قَالَه بعد انْعِقَاد الْإِجْمَاع على تَقْدِيم الْجرْح على التَّعْدِيل إِذا تساوى عدداهما انْتهى: فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بقوله من هذَيْن مَا نَقله ابْن الْحَاجِب وَمَا نَقله الْمَازرِيّ لَكِن لَا يعلم مَقْصُوده من كَونهمَا بعد الْإِجْمَاع أَن أَرَادَ عدم الِاعْتِدَاد بهما فقد علم، وَإِن أَرَادَ أَن صُورَة التَّسَاوِي تستثني من الْقَوْلَيْنِ نَاقض قَوْله بطرِيق أولى، ثمَّ قَالَ وَيُجَاب بِأَن الْأَمر على هَذَا لَكِن لم يتَحَقَّق قَائِل بِطَلَب التَّرْجِيح إِذا كَانَ الْجَارِح أقل، فَكَلَامه كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجده شَيْئا (وَأما وضع شَارِحه) أَي ابْن الْحَاجِب، وَهُوَ القَاضِي عضد الدّين (مَكَان التَّرْجِيح التَّعْدِيل) فِي قَوْله وَقيل بل التَّعْدِيل مقدم (فَلَا يعرف قَائِل بِتَقْدِيم التَّعْدِيل مُطلقًا). وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ بل التَّرْجِيح مقدم، وَهُوَ مُوَافق لكَلَام الشَّارِحين وَالْمُصَنّف (وَالْخلاف عِنْد إطلاقهما) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل بِلَا تعْيين سَبَب (أَو تعْيين الْجَارِح سَببا لم ينفه الْمعدل أَو نَفَاهُ) الْمعدل (بطرِيق غير يقيني ٨ لنا فِي تَقْدِيم الْجرْح عدم الإهدار) لكل من الْجرْح وَالتَّعْدِيل (فَكَانَ) تَقْدِيمه (أولى) من تَقْدِيم التَّعْدِيل،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute