التَّقْسِيم الثَّالِث
من تقاسيم الْفَصْل الرَّابِع (قسم فَخر الْإِسْلَام اللَّفْظ) الْمُفْرد (بِحَسب اللُّغَة والصيغة) الْجَار مُتَعَلق بقسم، واللغة اللَّفْظ الْمَوْضُوع، والصيغة الْهَيْئَة الْعَارِضَة لَهُ بِاعْتِبَار الحركات والسكنات وَتَقْدِيم بعض الْحُرُوف على بعض، وَالظَّاهِر أَنه يُرَاد باللغة هَهُنَا جَوْهَر الْحُرُوف بِقَرِينَة انضمام الصِّيغَة إِلَيْهَا، وَلما كَانَتَا متعلقي الْوَضع عبر بهما عَنهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أَي بِاعْتِبَار وَضعه إِلَى خَاص وعام، ومشترك، ومؤول) فسر بِمَا ترجح من الْمُشْتَرك بعض وجوهه بغالب الرَّأْي، وَأورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قد لَا يكون من الْمُشْتَرك، وترجحه قد لَا يكون بغالب الرَّأْي، فِي الْمِيزَان: أَن الْخَفي والمشكل والمشترك والمجمل إِذا لحقها الْبَيَان بِدَلِيل قَطْعِيّ سمي مُفَسرًا، وَإِن زَالَ خفاؤه بِدَلِيل فِيهِ شُبْهَة كَخَبَر الْوَاحِد، وَالْقِيَاس سمي مؤولا انْتهى وَأجِيب عَن الأول بِأَن المُرَاد تَعْرِيف المؤول من الْمُشْتَرك، وَعَن الثَّانِي بِأَن المُرَاد بغالب الرَّأْي، مِمَّا يعم الْحَاصِل من الْقيَاس وَخبر الْوَاحِد. وَقَالَ صدر الشَّرِيعَة: وَإِنَّمَا لم أورد المؤول فِي الْقِسْمَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاعْتِبَار الْوَضع، بل بِاعْتِبَار رَأْي الْمُجْتَهد انْتهى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ المُصَنّف رَحمَه الله بقوله (وَاعْترض بِأَن المؤول وَلَو) كَانَ (من الْمُشْتَرك لَيْسَ بِاعْتِبَار الْوَضع) وَلم يلْتَفت إِلَى مَا قيل فِي تَوْجِيه كَلَام فَخر الْإِسْلَام من أَن معنى كَونه بِاعْتِبَار الْوَضع أَن الحكم بعد التَّأْوِيل يُضَاف إِلَى الصِّيغَة، لِأَن مَا يحصل من التَّأَمُّل بِالدَّلِيلِ لَا وَجه لجعله من الاعتبارات الْمُتَعَلّقَة بِالْوَضْعِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بل عَن رفع إِجْمَال بظني) أَي التَّأْوِيل لم ينشأ عَن الْوَضع، بل هُوَ نَاشِئ عَن إِزَالَة إِبْهَام حَاصِل بازدحام احتمالات ناشئة من الِاشْتِرَاك بِدَلِيل ظَنِّي قياسي أَو خبر (فِي الِاسْتِعْمَال) مُتَعَلق بإجمال، فالطرفان: أَعنِي بظني، وَهَذَا يتعلقان بِرَفْع وإجمال على تَرْتِيب اللف والنشر، وَلَا شكّ أَن الْإِبْهَام إِنَّمَا يعرض للمشترك فِي حَال الِاسْتِعْمَال لَا الْوَضع (فَهِيَ) أَي الْأَقْسَام إِذا (ثَلَاثَة، لِأَن اللَّفْظ أَن كَانَ مُسَمَّاهُ متحدا وَلَو بالنوع) كَرجل وَفرس (أَو مُتَعَددًا مدلولا على خُصُوص كميته) لِأَن كمية المتعدد الْمَذْكُور (بِهِ) أَي بِلَفْظ ذَلِك المتعدد مَعَ كميته الْمَخْصُوصَة مدلولا مطابقيا للفظه، فَقَوله مدلولا وضعا للمتعدد بِحَال مُتَعَلقَة: أَعنِي كَونه بِحَيْثُ يدل على خُصُوص كمية لَفظه، لِأَنَّهُ لم يقْصد مدلولية ذَلِك المتعدد، لِأَنَّهُ ظَاهر لكَونه مُسَمّى لَفظه (فالخاص) جَوَاب للشّرط: أَي فَهُوَ الْخَاص (فَدخل) فِي الْخَاص (الْمُطلق) تَفْرِيع على قَوْله وَلَو بالنوع: كَمَا أَن قَوْله (وَالْعدَد) تَفْرِيع على قَوْله: وَلَو بالنوع كَمَا أَن قَوْله تَفْرِيع على قَوْله أَو مُتَعَددًا إِلَى آخِره (وَالْأَمر وَالنَّهْي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute