للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوَاعِد الْأُصُول عَن مظان العوج، ولكمالها فِي الاتصاف بِهَذَا الْوَصْف، سمي باسم جنسه مُبَالغَة وادعاء لاتحاده بِهِ، وتنزيلا لما سواهُ منزلَة الْعَدَم (بعد ترتيبه على مُقَدّمَة) لتَكون التَّسْمِيَة بعد وجود الْمُسَمّى كَمَا هُوَ الأَصْل، والمقدمة مَأْخُوذَة من مُقَدّمَة الْجَيْش من قدم بِمَعْنى تقدم، يُقَال مُقَدّمَة الْعلم لما يتَوَقَّف عَلَيْهِ مسَائِله كمعرفة حَده، وغايته، وموضوعه، ومقدمة الْكتاب لطائفة من كَلَامه قدمت أَمَام الْمَقْصُود لارتباطه بهَا، وانتفاع بهَا فِيهِ (هِيَ الْمُقدمَات) أَي الْأُمُور الَّتِي جرت عَادَة الْأُصُولِيِّينَ بجعلها مُقَدّمَة لعلم الْأُصُول من بَيَان مَفْهُوم اسْمه وموضوعه، والمقدمات المنطقية، واستمداده كَمَا سَيَجِيءُ، فَاللَّام للْعهد (وَثَلَاث مقالات) أولاها (فِي المبادئ) اللُّغَوِيَّة (و) ثَانِيهَا فِي (أَحْوَال الْمَوْضُوع) أَي مَوْضُوع علم الْأُصُول (و) ثَالِثهَا فِي مَاهِيَّة (الِاجْتِهَاد) وَمَا يُقَابله من التَّقْلِيد وَمَا يتبعهَا من الْأَحْكَام (وَهُوَ) أَي الِاجْتِهَاد وَمَا يتبعهُ (متمم) لمسائل الْأُصُول، لَا مِنْهَا (مسَائِله) أَي الِاجْتِهَاد (فقهية) أَي بَعْضهَا كوجوب الِاجْتِهَاد فِي حق نَفسه وَفِي حق غَيره إِذا خَافَ فَوت الْحَادِثَة على غير الْوَجْه وحرمته فِي مُقَابلَة قَاطع (لمثل مَا سنذكر) فِي بَيَان الْمَوْضُوع من أَن الْبَحْث عَن حجية خبر الْوَاحِد، وَالْقِيَاس لَيْسَ من مسَائِل الْأُصُول، لِأَن موضوعها فعل الْمُكَلف، ومحمولها الحكم الشَّرْعِيّ، وَهُوَ الْوُجُوب وَالْحُرْمَة، فَتكون فقهية (واعتقادية) كَمَسْأَلَة لَا حكم فِي الْمَسْأَلَة الاجتهادية، وَجَوَاز خلو الزَّمَان عَن مُجْتَهد.

(الْمُقدمَة)

(الْمُقدمَة أُمُور) هِيَ الْمَدْلُول عَلَيْهَا بقوله هِيَ الْمُقدمَات، نكرت هَهُنَا لِأَنَّهَا ذكرت تَوْطِئَة لتفصيلها، والتنكير بمقام الْإِجْمَال أليق، وَمَا قيل من أَن الْمعرفَة إِذا أُعِيدَت نكرَة، فَهِيَ غير الأولى، فَلَيْسَ على إِطْلَاقه، على أَن ذَلِك عِنْد إِعَادَة اللَّفْظ بِعَيْنِه (الأول) من الْأُمُور الْمَذْكُورَة (مَفْهُوم اسْمه) أَي الْعلم الْمَذْكُور، وَالِاسْم أصُول الْفِقْه، لم يقل تَعْرِيفه مَعَ أَنه أخصر إِشَارَة إِلَى أَن التَّعْرِيف اسْمِي لَا حَقِيقِيّ كَمَا سَيَجِيءُ، مَعَ أَنه جرت عَادَتهم بِاعْتِبَار حَال الِاسْم فِي مقَام تَعْرِيفه (وَالْمَعْرُوف) أَي الْمَشْهُور بَين الْأُصُولِيِّينَ (كَونه) أَي الِاسْم الْمَذْكُور (علما) هُوَ مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد، وَسَيَجِيءُ بَيَانه (وَقيل) هُوَ (اسْم جنس لإدخاله اللَّام) أضيف الإدخال إِلَى الِاسْم مجَازًا لِأَنَّهُ فعل الْمُتَكَلّم تَنْزِيلا للقابل منزلَة الْفَاعِل مُبَالغَة فِي قبُوله، فَكَأَنَّهُ أدخلها بِنَفسِهِ عَلَيْهِ، يَعْنِي لَو كَانَ علما لما دَخلته اللَّام، وَإِذا انْتَفَى العلمية تعْيين كَونه اسْم جنس، وَيرد عَلَيْهِ أَنَّهَا تدخل فِي كثير من الْأَعْلَام، إِمَّا لُزُوما كَمَا فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة، أَو بِغَيْرِهِ كَمَا فِي كثير من الْأَعْلَام المنقولة من الصّفة أَو الْمصدر، أَو مَا فِيهِ معنى الْمَدْح أَو الذَّم كالعباس

<<  <  ج: ص:  >  >>