للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُفِيد فِي المحسوسات وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا، ويكفى الاستفاضة بَين النَّاس، وَقَالَ القَاضِي يَكْفِيهِ أَن يُخبرهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ مفت، وَجزم أَبُو إِسْحَاق الاسفراينى بِأَنَّهُ يَكْفِيهِ خبر الْوَاحِد الْعدْل عَن فقهه وأمانته لِأَن طَرِيقه طَرِيق الْإِخْبَار، وَالْمُخْتَار فِي الْفتيا الِاعْتِمَاد على قَوْله إِنِّي مفت بِشَرْط ظُهُور ورعه، قيل وَهَذَا أصح الْمذَاهب، وَقيل غير ذَلِك.

[مسئلة]

(إِفْتَاء غير الْمُجْتَهد بِمذهب مُجْتَهد) أَي بِمَا ذهب إِلَيْهِ مُجْتَهد (تخريجا) نصب على الْمصدر أَي إِفْتَاء تَخْرِيج بِأَن لَا يكون الْمُفْتى بِهِ مَنْصُوصا لصَاحب الْمَذْهَب، لَكِن الْمُفْتى أخرجه من أُصُوله كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (لَا نقل عينه) مَعْطُوف على تخريجا: أَي لَا يكون الْإِفْتَاء بِنَقْل عين مَا ذهب إِلَيْهِ (فَإِنَّهُ) أَي نقل الْعين (يقبل بشرائط) قبُول رِوَايَة (الرَّاوِي) من الْعَدَالَة وَغَيرهَا اتِّفَاقًا وَهَذَا اعْتِرَاض بَين مَوْضُوع المسئلة وجوابها وَهُوَ (إِن كَانَ) غير الْمُجْتَهد (مطلعا على مبانيه) أَي مَأْخَذ مَذْهَب الْمُجْتَهد (أَهلا) للتخريج ولمعرفة مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ (جَازَ) الْإِفْتَاء جَزَاء الشَّرْط وَالْمَجْمُوع خبر الْمُبْتَدَأ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمّى بالمجتهد فِي الْمَذْهَب (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن غير الْمُجْتَهد كَذَلِك (لَا) يجوز إفتاؤه تخريجا، وَفِي شرح البديع للهندي وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد كثير من الْمُحَقِّقين من أَصْحَابنَا وَغَيرهم، فَإِنَّهُ نقل عَن أبي يُوسُف وَزفر وَغَيرهمَا من أَئِمَّتنَا أَنه لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مَا لم يعلم من أَيْن قُلْنَا، وَعبارَة بَعضهم من حفظ الْأَقَاوِيل وَلم يعرف الْحجَج فَلَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي فِيمَا اخْتلف فِيهِ وَلَا يخفى أَن هَذَا مُخَالف لما سبق من قَوْله لَا نقل عينه فَإِنَّهُ يقبل بشرائط الرَّاوِي، فَإِن مُقْتَضَاهُ جَوَاز الْإِفْتَاء بِغَيْر معرفَة الْحجَج، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن ذَلِك لَا يُسمى فِي عرفهم إِفْتَاء (وَقيل) جَازَ إِفْتَاء غير الْمُجْتَهد بِمذهب مُجْتَهد (بِشَرْط عدم مُجْتَهد) فِي تِلْكَ النَّاحِيَة وَلَا يخفى أَن مُقْتَضى السِّيَاق جَوَاز إفتائه تخريجا وَجَوَاز هَذَا مَعَ فرض عدم الِاطِّلَاع على المباني فِي غَايَة الْبعد، وَلَعَلَّ قَوْله (واستغرب) يكون إِشَارَة إِلَيْهِ، وَقيل المستغرب الْوُلَاة، وَأَيْضًا إِن كَانَ الِاطِّلَاع على المباني مَوْجُودا فَلَا يضر وجود الْمُجْتَهد وَإِلَّا فَلَا يَقع عَدمه فَتَأمل (وَقيل يجوز) إِفْتَاء غير الْمُجْتَهد بِمذهب الْمُجْتَهد (مُطلقًا) سَوَاء كَانَ مطلعا على المأخذ أم لَا، عدم الْمُجْتَهد أَولا، (و) قيل، اخْتَارَهُ كثير (هُوَ) أَي هَذَا القَوْل (خليق) أَي جدير (بِالنَّفْيِ) أَي بِنَفْي الصِّحَّة إِن حمل على ظَاهره، وَنفي كَونه قولا رَابِعا إِن حمل على خلاف الظَّاهِر كَمَا يدل عَلَيْهِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وسيظهر) كَونه خليقا بِالنَّفْيِ. وَقَالَ (أَبُو الْحُسَيْن لَا) يجوز إِفْتَاء غير الْمُجْتَهد (مُطلقًا) بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور فِيهِ، قيل وَبِه قَالَ القَاضِي من الْحَنَابِلَة وَالرُّويَانِيّ من الشَّافِعِيَّة، وروى عَن أَحْمد (لنا وُقُوعه) أَي إِفْتَاء غير الْمُجْتَهد بِمذهب الْمُجْتَهد (بِلَا نَكِير) فَكَانَ إِجْمَاعًا على جَوَاز إِفْتَاء غير

<<  <  ج: ص:  >  >>