الْمُجْتَهد الْمُطلق إِذا كَانَ مُجْتَهدا فِي الْمَذْهَب (وينكر) أَي الْإِفْتَاء تخريجا (من غَيره) أَي غير الْأَهْل المطلع على المباني (فَإِن قيل إِذا فرض عدم الْمُجْتَهدين) فِي حَال عدم الْإِنْكَار (فعدمه) أَي الْإِنْكَار وَوُجُود الِاتِّفَاق (من غير أهل الْإِجْمَاع لَيْسَ حجَّة، فَالْوَجْه كَونه) أَي جَوَاز الْإِفْتَاء (للضَّرُورَة) لحَاجَة النَّاس وَعدم الْمُجْتَهد (إِذن) أَي إِن لم يُوجد الْمُجْتَهد (قُلْنَا إِنَّمَا يلْزم) وجود الِاتِّفَاق من غير أهل الْإِجْمَاع (لَو منع الِاجْتِهَاد فِي مسئلة) أَي لَو منع تجزى الِاجْتِهَاد والمفروض أَن الْمُفْتِي لَا بُد أَن يكون مُجْتَهدا فِي الْمَذْهَب وَمثله قَادر على الِاجْتِهَاد فِي مسئلة (وَهُوَ) أَي منع تجزى الِاجْتِهَاد (مَمْنُوع) فالمتفقون على جَوَاز الْإِفْتَاء مجتهدون فِي هَذِه الْمَسْأَلَة (فكلاهما) أَي الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاع، وَالِاسْتِدْلَال بِالضَّرُورَةِ (حق، وَبِهَذَا) الْجَواب الَّذِي حَاصله اخْتِيَار تجزى الِاجْتِهَاد الْمُصَحح لكَون الْمُجْتَهدين فِي الْمَذْهَب أَهلا للْإِجْمَاع المستلزم كَون اتِّفَاقهم إِجْمَاعًا (يدْفع دَفعه) مَرْفُوع بيدفع، وَالضَّمِير الْمَجْرُور رَاجع للاعتراض المجاب عَنهُ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُور (لدَلِيل تَقْلِيد الْمَيِّت) اللَّام مُتَعَلق بقوله دَفعه، يعْنى أَن الِاعْتِرَاض الْمَذْكُور قد كَانَ دافعا لدَلِيل قَول مُخْتَار فَالْجَوَاب الْمَذْكُور كَمَا يدْفع نفس الِاعْتِرَاض الْمَذْكُور كَذَلِك يدْفع دَفعه، ثمَّ بَين ذَلِك بقوله (وَهُوَ) أَي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت (الْمُخْتَار) من الْقَوْلَيْنِ (وَهُوَ) أَي دَلِيل تَقْلِيد الْمَيِّت (أَنه) أَي جَوَاز تَقْلِيده (إِجْمَاع) أَي جمع عَلَيْهِ لوُقُوعه فِي ممر الْأَعْصَار من غير نَكِير (فَلَا يُعَارضهُ) أَي هَذَا الدَّلِيل (قَوْلهم) أَي مانعي تَقْلِيده كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ (لَا قَول لَهُ) أَي للْمَيت (وَإِلَّا) لَو كَانَ لَهُ قَول بَاقٍ بعده (لم ينْعَقد الْإِجْمَاع على خِلَافه) أَي خلاف قَول الْمَيِّت (كالحي) أَي كَمَا لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع على خلاف قَول الْحَيّ. والتالي بَاطِل، وَلذَا قُلْتُمْ إِن الْإِجْمَاع الْمُتَأَخر يرفع الْخلاف الْمُتَقَدّم وَإِنَّمَا قُلْنَا فَلَا يُعَارضهُ الخ، لِأَن الْإِجْمَاع حجَّة قَطْعِيَّة، وَقَوْلهمْ لَا قَول الْمَيِّت الخ اسْتِدْلَال ضَعِيف لِأَن عدم مانعية قَول لمَيت انْعِقَاد الْإِجْمَاع لَا يسْتَلْزم أَن لَا يكون مثل قَول الْحَيّ فِي جَوَاز الْإِفْتَاء بِهِ عِنْد عدم الْإِجْمَاع على خِلَافه لِأَن مانعية الْحَيّ انْعِقَاد الْإِجْمَاع لَيْسَ لذاته بل لوُجُود قَائِله، فَإِن اجْتِمَاع الْأمة عبارَة عَن اتِّفَاق الْعلمَاء الْأَحْيَاء كلهم فَلَا ينْعَقد مَعَ خُرُوج عَالم حَيّ عَنهُ، وَوجه دفع الِاعْتِرَاض الْمَذْكُور دَلِيل الْمَيِّت منع أَهْلِيَّة المتفقين للْإِجْمَاع لعدم كَونهم مجتهدين وَحَيْثُ انْدفع الِاعْتِرَاض انْدفع دَفعه أَيْضا قَالَ (المجوز) للإفتاء مُطلقًا من غير تَقْيِيد باطلاع المباني: الْمُفْتِي (ناقل) كَلَام الْمُجْتَهد فَلَا فرق بَين الْعَالم وَغَيره كَمَا لَا يشْتَرط الْعلم فِي رِوَايَة الحَدِيث (أُجِيب) عَنهُ بِأَنَّهُ (لَيْسَ الْخلاف فِي النَّقْل) أَي فِي الْإِفْتَاء بطرِيق النَّقْل (بل فِي) الْإِفْتَاء بطرِيق (التَّخْرِيج) والاستنباط من الْأُصُول على مَا ذكر (وَإِذن) أَي وَإِذا عرفت أَن إِطْلَاق المجوز مَبْنِيّ على الْغَلَط (سقط هَذَا القَوْل) عَن دَرَجَة الِاعْتِبَار (لظُهُور أَن مُرَاده) وَهُوَ عُمُوم جَوَاز النَّقْل للْعَالم وَغَيره (اتِّفَاق) أَي مُتَّفق عَلَيْهِ (فَهِيَ) أَي هَذِه الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة (ثَلَاثَة) لَا أَرْبَعَة: جَوَاز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute