للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي ككلي بَين سُجُود الْعُقَلَاء (فَيسْجد لَهُ) أَي فَقَوله تَعَالَى - {يسْجد لَهُ} - مَعْنَاهُ (يخضع لَهُ من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ) أَي الخضوع (لجنسيته تخْتَلف صوره) كَمَا أَن سَائِر الماهيات الجنسية قَابِلَة لحلول صور نوعية مُخْتَلفَة (فَفِي الْعُقَلَاء) يتَحَقَّق (بِالْوَضْعِ) أَي بِوَضْع الْجَبْهَة على الأَرْض إِظْهَارًا لكَمَال التذلل والانقياد (وَفِي غَيرهم بِغَيْرِهِ) أَي بِغَيْر وضع الْجَبْهَة مِمَّا يدل على الخضوع كقبول التَّصَرُّف من غير إباء (فَانْدفع الِاعْتِرَاض بِأَنَّهُ إِن أُرِيد) بِالسُّجُود الخضوع والانقياد (القهري شَمل الْكل) أَي الموجودات الممكنة (فَلَا وَجه لتخصيص كثير من النَّاس) بِالذكر (أَو) أُرِيد الخضوع (الِاخْتِيَارِيّ لم يتأت فِي غَيرهم) أَي غير الْعُقَلَاء: لأَنا نَخْتَار شقا ثَالِثا وَهُوَ الْمَعْنى الْأَعَمّ من القهري والاختياري فَإِن قلت إِذا أُرِيد الْأَعَمّ أَيْضا لَا مغنى لوجه التَّخْصِيص الْمَذْكُور لِأَنَّهُ يعم الْكل قلت وجهة الْإِشَارَة إِلَى أَن الْعُقَلَاء تميزوا بِنَوْع من ذَلِك الْجِنْس غير أَنه خَاصَّة غير شَامِلَة لكلهم، وَفِيه إِيهَام أَن بَعضهم خارجون عَن دَائِرَة الخضوع الْمُطلق بِالْكُلِّيَّةِ (وَكَذَا الصَّلَاة مَوْضُوعَة للاعتناء) بالمصلى عَلَيْهِ (بِإِظْهَار الشّرف) وَرفع الْقدر لَهُ (ويتحقق) الاعتناء الْمَذْكُور (مِنْهُ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ) عَلَيْهِ (وَمن غَيره بدعائه لَهُ) وَإِنَّمَا اختير هَذَا (تَقْدِيمًا للاشتراك الْمَعْنَوِيّ على) الِاشْتِرَاك (اللَّفْظِيّ، أَو يَجْعَل) مَعْطُوف على الشّرطِيَّة الْمَذْكُورَة بعد قُلْنَا: أَي يَجْعَل الْمَذْكُور من السُّجُود وَالصَّلَاة (مجَازًا فِيهِ) أَي الْمَعْنى الْمَذْكُور من الخضوع والاعتناء لعلاقة اللُّزُوم (فَيعم) الْمَعْنى الْمجَازِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فيهمَا: أَعنِي وضع الْجَبْهَة وَالدُّعَاء (وَأما أهل التَّفْسِير فعلى) أَي فاتفقوا على (إِضْمَار خبر للْأولِ) فِي آيَة الصَّلَاة، تَقْدِيره إِن الله يُصَلِّي وَمَلَائِكَته يصلونَ، فَحذف يُصَلِّي لدلَالَة يصلونَ عَلَيْهِ كَمَا فِي قَول الْقَائِل:

(نَحن بِمَا عندنَا وَأَنت بِمَا ... عنْدك رَاض والرأي مُخْتَلف)

وَإِذا تكَرر اللَّفْظ حمل كل وَاحِد على معنى آخر فَلَا حجَّة فِيهِ (وَعَلِيهِ) أَي وعَلى منع تَعْمِيم الْمُشْتَرك (تفرع بطلَان الْوَصِيَّة لمواليه وهم) أَي الموَالِي موجودون (لَهُ من الطَّرفَيْنِ) على مَا تقدم لِأَنَّهُ لما لم يعمها وَلَيْسَ أَحدهمَا أولى من الآخر بَقِي الْمُوصى لَهُ مَجْهُولا فبطلت.

[مسئلة]

(الْمُقْتَضى) بِصِيغَة الْمَفْعُول هُوَ (مَا استدعاه صدقه الْكَلَام: كرفع الْخَطَأ وَالنِّسْيَان) أَي كَمَا اقْتضى، لَا صدق رفع الْخَطَأ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان ":

<<  <  ج: ص:  >  >>