للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ إِذا نظر فِيهِ فَوَجَدَهُ مستجمعا لما ذكر حكم بِكَوْنِهِ مترتب الْأَثر (وَاعْلَم أَن نقل الْحَنَفِيَّة عَن الْفُقَهَاء والمتكلمين فِي الأَصْل) الْمَذْكُور فِي تَفْسِير الصِّحَّة وَمَا يقابلها، ونقلهم (وُقُوع الظَّان مخطئا على عكس) نقل (الشَّافِعِيَّة) أما الأول فَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِصَرِيح قَوْله (وَهِي المسئلة القائلة) على سَبِيل التَّجَوُّز، ومقول القَوْل (هَل تثبت صفة الْجَوَاز) الْإِضَافَة بَيَانِيَّة. وَقد يعبر عَنهُ بالاجزاء (للْمَأْمُور بِهِ) مُتَعَلق بتثبت (إِذا أَتَى) الْمَأْمُور (بِهِ) أَي بالمأمور بِهِ (إِلَى آخرهَا) وَهُوَ قَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين لَا إِلَّا بِدَلِيل وَرَاء الْأَمر، وَالصَّحِيح عِنْد الْفُقَهَاء أَنه يثبت بِهِ صفة الْجَوَاز، كَذَا فِي الْمنَار، وَإِنَّمَا كَانَ عكس مَا نقلوا، لِأَن حَاصله أَن الصِّحَّة والاجزاء مُوَافقَة الْأَمر عِنْد الْمُتَكَلِّمين واندفاع وجوب الْقَضَاء عِنْد الْفُقَهَاء وَحَاصِل هَذِه المسئلة أَن الْمُوَافقَة لَيست بموجبة للاجزاء عِنْد الْمُتَكَلِّمين، وَعند الْفُقَهَاء مُوجبَة لَهُ، وَأما الثَّانِي فَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِمَا تضمنه قَوْله الْمَذْكُور: وَهُوَ أَن الصَّلَاة الْمَذْكُورَة صَحِيحَة ومجزية عِنْد الْفُقَهَاء وَغير مجزية وَلَا صَحِيحَة عِنْد الْمُتَكَلِّمين. قَالَ فِي البديع: قَالَ عبد الْجَبَّار لَا يكون الِامْتِثَال دَلِيل الاجزاء بِمَعْنى سُقُوط الْقَضَاء وَإِلَّا فَلَو كَانَ الِامْتِثَال مستلزما للاجزاء بِمَعْنى سُقُوط الْقَضَاء يلْزم أَن لَا يُعِيد الصَّلَاة أَو يَأْثَم إِذا علم الْحَدث بَعْدَمَا صلى بِظَنّ الطَّهَارَة، وَاللَّازِم بَاطِل لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْإِعَادَةِ وَغير آثم، وَإِنَّمَا تثبت هَذِه الْمُلَازمَة، لِأَن الْمُصَلِّي إِمَّا مَأْمُور أَن يُصَلِّي بِظَنّ الطَّهَارَة أَو بيقينها، فَإِن كَانَ الأول فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ لإتيانه بالمأمور بِهِ على وَجهه، وَإِن كَانَ الثَّانِي لزم الْإِثْم إِذْ لم يَأْتِ بالمأمور بِهِ على وَجهه قُلْنَا الْمُكَلف مَأْمُور بِأَمْر ثَان يتَوَجَّه بِالْأَدَاءِ حَال الْعلم بِفساد الْأَدَاء على حسب حَاله من الْعلم وَالظَّن حَتَّى لَو مَاتَ عِنْد الْعلم أَجْزَأته تِلْكَ الصَّلَاة وَسَقَطت الْإِعَادَة، وَحِينَئِذٍ لَا يَأْثَم إِذا صلى بِظَنّ الطَّهَارَة، لِأَن التَّكْلِيف بِحَسب الوسع، هَذَا عِنْد من يَقُول: الْقَضَاء بِأَمْر جَدِيد، وَلمن يُوجب الْقَضَاء بِالْأَمر الأول أَن يَجْعَل الاجزاء بالامتثال مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْعلم أَو الظَّن بِالْفَسَادِ، وَأما مَعَه فَلَيْسَ الْإِتْيَان بالمأمور بِهِ دَلِيل الاجزاء انْتهى. قَوْله قُلْنَا إِلَى آخِره يرد عَلَيْهِ أَن عبد الْجَبَّار لم يرتب لُزُوم عدم الْإِعَادَة على مُجَرّد وُقُوع الِامْتِثَال بل عَلَيْهِ، وَكَونه مسْقطًا للْقَضَاء فَلَا إِشْكَال عَلَيْهِ، هَذَا وَلَا يظْهر وَجه قَوْله من الْعلم وَالظَّن، لِأَن أَدَاء الظَّان إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الظَّن، إِذْ لَو كَانَ بِحَسب الْعلم لما تبين خِلَافه وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

الْفَصْل الرَّابِع فِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ

(الْمَحْكُوم عَلَيْهِ الْمُكَلف مسئلة: تَكْلِيف الْمَعْدُوم مَعْنَاهُ قيام الطّلب) للْفِعْل أَو التّرْك بِالذَّاتِ الْقَدِيم تَعَالَى وتقدس (بِمن سيوجد) مَوْصُوفا (بِصفة التَّكْلِيف) بِأَن يكون بَالغا

<<  <  ج: ص:  >  >>