الأزلي بِعَدَمِ تَصْدِيقه فَإِنَّهُ يَسْتَحِيل انقلابه جهلا سَوَاء (كلف) أَبُو لَهب (بتصديقه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قبل علمه) أَي أبي لَهب بِأَنَّهُ تعلق علم لله بِعَدَمِ صدقه (أَو) كلف (بعده) أَي بعد علمه بذلك، أما الأول فَظَاهر، وَأما الثَّانِي فَلِأَن علم أبي لَهب بِأَن تَصْدِيقه مَعْلُوم الْعَدَم عِنْد الله لَا يَجعله محالا لذاته بل لَا يَجعله مُضْطَرّا فِي عدم التَّصْدِيق كَمَا حقق فِي مَحَله (فَهُوَ) أَي هَذَا الدَّلِيل لَهُم (تشكيك بعد) النَّص (الْقَاطِع) فِي أَنه لم يَقع وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لَا يُكَلف الله} الْآيَة فَهُوَ) أَي التَّكْلِيف بالمحال لذاته (مَعْلُوم الْبطلَان). قَالَ الشَّارِح عقلا غير وَاقع شرعا انْتهى، وَأَنت خَبِير بِأَن المُصَنّف لم يثبت بُطْلَانه عقلا فَارْجِع إِلَى قَوْله وَالْحق الخ.
[مسئلة]
(نقل عَن الْأَشْعَرِيّ بَقَاء التَّكْلِيف) بِالْفِعْلِ أَي كَونه مَطْلُوبا من الْمُكَلف (حَال) مُبَاشرَة ذَلِك (الْفِعْل) كَمَا كَانَ قبل الْمُبَاشرَة لَهُ (واستبعد) هَذَا مِنْهُ (بِأَنَّهُ) أَي الْأَشْعَرِيّ (إِن أَرَادَ) بِبَقَائِهِ فِي هَذَا الْحَال (أَن تعلقه) أَي التَّكْلِيف (لنَفسِهِ) أَي لذاته لِأَن حَقِيقَته الطّلب الْمُضَاف إِلَى الْمَطْلُوب، وَهَذِه الْإِضَافَة والتعلق لَا يَنْفَكّ عَن حَقِيقَته. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ لَو انْقَطع التَّكْلِيف بعد الْفِعْل لزم أَن يتَعَدَّى الطّلب الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى وَهُوَ محَال، لِأَن صِفَاته كَمَا هِيَ أزلية أبدية، وَجَوَابه أَن الْكَلَام فِي الْأَزَل كَسَائِر صِفَاته وَاحِد لَا تعدد فِيهِ، وَكَونه أمرا أَو نهيا من الْعَوَارِض الَّتِي تتجدد لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُتَعَلّقه، فَلَا يلْزم من انْتِفَاء الطّلب انْتِفَاء كَلَامه الْقَائِم بِذَاتِهِ تَعَالَى (فَحق) أَي فَهَذَا الْمَعْنى حق (لَكِن يشكل عَلَيْهِ) أَي على هَذَا المُرَاد (انْقِطَاعه بعده) أَي بعد صُدُور الْفِعْل (اتِّفَاقًا) وَذَلِكَ التَّعَلُّق الَّذِي يَقْتَضِيهِ الذَّات لَا يَنْفَكّ عَنْهَا مَا دَامَت الذَّات بَاقِيَة، وَعدم انْقِطَاعه بعده خلاف الْإِجْمَاع (أَو) أَرَادَ بذلك (تَنْجِيز التَّكْلِيف) أَي إِرَادَة إِيقَاعه مُنجزا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر من عباراته (فَبَاطِل) أَي فَهَذَا المُرَاد بَاطِل (لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَي التَّكْلِيف بِهَذَا الْمَعْنى حَال الْفِعْل تَكْلِيف (بإيجاد الْمَوْجُود) هَذَا كَلَامهم، وَتعقبه المُصَنّف بقوله (وَلَيْسَ) الْأَمر كَذَلِك (لِأَن ذَلِك) أَي التَّكْلِيف بإيجاد الْمَوْجُود إِنَّمَا يكون (بعده) أَي الْفِعْل (وكلامنا) فِي التَّكْلِيف بِهِ (حَال هَذَا الإيجاد، وَمَا يُقَال إِحَالَة للصورة) أَي لأجل إِحَالَة صُورَة هَذِه المسئلة، وَبَيَان كَونهَا محالا (الْفِعْل إِن كَانَ آنيا) أَي دفعي الْوُجُود لَا زمانيا تدريجيا ممتدا على طبق أَجزَاء الزَّمَان: قَوْله الْفِعْل إِلَى آخِره بدل من الْمَوْصُول أَو ضَمِيره (لم يتَصَوَّر لَهُ) أَي لذَلِك الْفِعْل (بَقَاء) إِذا الْمَفْرُوض أَن حُدُوثه ووجوده لَيْسَ إِلَّا فِي آن وَاحِد (يكون مَعَه) أَي مَعَ ذَلِك الْبَقَاء (التَّكْلِيف، وَإِن) كَانَ (طَويلا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute