للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَغير صفة) مَعْطُوف على قَوْله صفة وَهُوَ (خِلَافه) أَي مَا لَا يدل على ذَات مُبْهمَة متصفة بِمعين بِأَن يدل على ذَات مُعينَة أَو مُبْهمَة غير متصفة بِمَا ذكر وَظَاهر هَذَا يَقْتَضِي أَن مَا يدل على ذَات متصفة بِوَصْف غير معِين كالإمكان الْعَام، والوجود الْمُطلق لَيْسَ بِصفة، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْمَوْجُود والممكن وَنَحْوهمَا صِفَات: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال بتعين هَذِه الْأَوْصَاف، وَلَو بِوَجْه مَا فاذن عدم اعْتِبَار قيد التعين فِي التَّعْرِيف أولى كَمَا قيل: مَا دلّ على ذَات مَا بِاعْتِبَار معنى هُوَ الْمَقْصُود.

مَسْأَلَة

(وَلَا يشتق) من مصدر وصف (لذات وَالْمعْنَى) المصدري (قَائِم بِغَيْرِهِ) أَي غير الْمُشْتَقّ لَهُ، وَالْمرَاد بالاشتقاق لَهَا أَن يشتق لِأَن يُطلق عَلَيْهَا وَتسَمى بِهِ، قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي تَفْسِير كَلَام شَارِح الْمُخْتَصر: الاستقراء يُفِيد الْقطع بذلك، يَعْنِي حصل لنا من تتبع كَلَام الْعَرَب حكم كلي قَطْعِيّ بذلك كوجوب رفع الْفَاعِل، وَإِن كَانَ الاستقراء فِي نَفسه لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن انْتهى، كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ حُصُول الْقطع من غير مُوجب: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال انْضَمَّ مَعَ الاستقراء قَرَائِن يُفِيد الْمَجْمُوع الْقطع بذلك (وَقَول الْمُعْتَزلَة) مُبْتَدأ خَبره (معنى كَونه) تَعَالَى (متكلما خلقه) أَي خلق الْكَلَام، وَالْمعْنَى مقولهم هَذَا الْكَلَام الْمُخَالف لما ذكرنَا، وَيجوز أَن يكون الْخَبَر محذوفا، وَالْمَذْكُور مقول القَوْل: أَي قَوْلهم هَذَا مُخَالف لما ذكرنَا (فِي الْجِسْم) مُتَعَلق بالخلق، والجسم كالشجرة الَّتِي سمع مِنْهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ تَعَالَى - {نُودي من شاطئ الواد الْأَيْمن فِي الْبقْعَة الْمُبَارَكَة من الشَّجَرَة أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنا الله رب الْعَالمين} - (وألزموا) أَي الْمُعْتَزلَة بطرِيق النَّقْض (جَوَاز) إِطْلَاق (المتحرك والأبيض) على الله، تَعَالَى شَأْنه عَن ذَلِك علوا كَبِيرا: لخلقه هَذِه الْأَعْرَاض فِي الْأَجْسَام الَّتِي هِيَ محالها، (وَدفع) الْإِلْزَام الْمَذْكُور (عَنْهُم بِالْفرقِ) بَين الْمُتَكَلّم وَمَا ألزموا بِهِ (بِأَنَّهُ ثَبت) بِالسَّمْعِ (الْمُتَكَلّم لَهُ) تَعَالَى كَقَوْلِه - {وكلم الله مُوسَى تكليما} -، وَغَيره (وَامْتنع قِيَامه) أَي الْكَلَام (بِهِ) تَعَالَى بالبرهان، لِأَنَّهُ أصوات وحروف عِنْدهم، وَهِي حَادِثَة فَلَا تكون قَائِمَة بِهِ تَعَالَى، وَإِلَّا لزم كَونه محلا للحوادث (فَلَزِمَ أَن مَعْنَاهُ) أَي الْمُتَكَلّم (فِي حَقه خالقه) أَي الْكَلَام فِي جسم، وَلَا كَذَلِك المتحرك والأبيض وَنَحْوهمَا فَإِنَّهُ لم يثبت لَهُ بِالسَّمْعِ شَيْء مِنْهَا، بل ثَبت الْمَنْع عَن إِطْلَاقهَا (وَلَيْسَ) هَذَا الدّفع (بِشَيْء، لِأَنَّهُ لَا تَفْصِيل فِي الحكم اللّغَوِيّ) أَي الحكم الْكُلِّي المستبط من تتبع اللُّغَة، وَهُوَ أَنه لَا يشتق لذات، وَالْمعْنَى قَائِم بِغَيْرِهِ (بَين

<<  <  ج: ص:  >  >>