وَلَا يشْتَرط التَّسَاوِي: أَي بَين الْعَام وَالْمَفْهُوم، لِأَن كلا مِنْهُمَا ظَنِّي الدّلَالَة عِنْد الْقَائِلين بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لجمع الظنية إيَّاهُمَا) أَي الْعَام وَالْمَفْهُوم، لِأَن كلا مِنْهُمَا ظَنِّي الدّلَالَة (ومساواتهما) أَي الْمَخْصُوص والمخصوص بِهِ (ظنا) تَمْيِيز عَن نِسْبَة الْمُسَاوَاة إِلَى الضَّمِير: أَي مُسَاوَاة ظنيهما قُوَّة (لَيْسَ شرطا) فِي التَّخْصِيص حَتَّى لَا يصلح الأضعف لِأَن تَخْصِيص الْأَقْوَى من خبر الْوَاحِد (للاتفاق عَلَيْهِ) أَي التَّخْصِيص (بِخَبَر الْوَاحِد للْكتاب بعد تَخْصِيصه) أَي اتَّفقُوا على أَنه يجوز تَخْصِيص الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد بعد أَن خصص بقطعي، مَعَ أَن الْكتاب إِن خصص أقوى من خبر الْوَاحِد، وَإِنَّمَا ارتكبوا ذَلِك (للْجمع) بَين الْأَدِلَّة المتعارضة، وَإِنَّمَا قَالَ بعد تَخْصِيصه ليَصِح دَعْوَى الِاتِّفَاق، فَإِنَّهُ لَا يجوز عندنَا تَخْصِيص الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد ابْتِدَاء كَمَا سَيَأْتِي (وَالتَّحْقِيق أَن مَعَ ظنية الدّلَالَة فيهمَا) أَي الْعَام وَالْمَفْهُوم الْمُخَالف (يُقَوي ظن الْخُصُوص) فِي الْعَام (لغلبته) أَي الْخُصُوص (فِي الْعَام) فَلَا يكون الْعَام أقوى من الْمَفْهُوم ظنا.
مَسْأَلَة
(الْعَادة) وَهِي الْأَمر المتكرر وَلَو من غير علاقَة عقلية وَالْمرَاد هُنَا (الْعرف العملي) لقوم (مُخَصص) للعام الْوَاقِع فِي تخاطبهم (عِنْد الْحَنَفِيَّة، خلافًا للشَّافِعِيَّة كحرمت الطَّعَام، وعادتهم) أَي المخاطبين (أكل الْبر انْصَرف) الطَّعَام (إِلَيْهِ) أَي الْبر (وَهُوَ) قَول الْحَنَفِيَّة (الْوَجْه، إِمَّا) تَخْصِيص الْعَام (بِالْعرْفِ القولي) وَهُوَ أَن يتعارف عِنْد قوم فِي إِطْلَاق لفظ إِرَادَة بعض أَفْرَاده مثلا بِحَيْثُ لَا يتَبَادَر عِنْد سَمَاعه إِلَّا ذَلِك (فاتفاق) أَي فتخصيص الْعَام بِهِ عِنْد ذَلِك مُتَّفق عَلَيْهِ (كالدابة على الْحمار، وَالدِّرْهَم على النَّقْد الْغَالِب لنا الِاتِّفَاق على فهم) لحم (الضَّأْن بِخُصُوصِهِ فِي: اشْتَرِ لَحْمًا وَقصر الْأَمر) بشرَاء اللَّحْم (عَلَيْهِ) أَي الضَّأْن (إِذا كَانَت الْعَادة أكله فَوَجَبَ) كَون الْعرف العملي مُخَصّصا (كالقولي لِاتِّحَاد الْمُوجب) وَهُوَ تبادره بِخُصُوصِهِ من من إِطْلَاق اللَّفْظ (وإلغاء الْفَارِق) بَينهمَا (بِالْإِطْلَاقِ والعموم) مَحل الِاتِّفَاق، فَإِن لَحْمًا فِي اشْتَرِ لَحْمًا مُطلق، وَلَيْسَ بعام وَهُوَ ظَاهر والعموم فِي الْمُبْتَاع فِيهِ فِي حرمت الطَّعَام لظُهُور أَنه لَا أثر لهَذَا الْفَارِق (وَكَون دلَالَة الْمُطلق على الْمُقَيد دلَالَة الْجُزْء على الْكل و) دلَالَة (الْعَام على الْفَرد قلبه) فَإِن لَحْمًا جُزْء من لحم الضَّأْن، وَالطَّعَام الدَّال على كل طَعَام لاستغراقه الْأَفْرَاد كل وَالْبر جُزْء مِنْهُ (كَذَلِك) أَي فَارق ملغى، إِذْ لَا أثر لَهُ بعد اشتراكهما فِي تبادر الْخُصُوص (تَنْبِيه: مثل جمع من الْحَنَفِيَّة) مِنْهُم فَخر الْإِسْلَام (لذَلِك) أَي للتخصيص بِالْعَادَةِ (بِالنذرِ بِالصَّلَاةِ وَالْحج ينْصَرف إِلَى الشَّرْعِيّ) مِنْهُمَا (وَقد يخال) أَي يظنّ كل مِنْهُمَا (غير مُطَابق)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute