لِأَن فِيهِ إهدار الْجرْح (أما الْجَارِح) أَي عدم إهداره (فَظَاهر، وَأما قَول الْمعدل) أَي عدم إهداره بِحَيْثُ يلْزم تَكْذِيبه (فُلَانُهُ ظن الْعَدَالَة لما قدمْنَاهُ) من ظَاهر حَال الْمُسلم والتزام مَا يَقْتَضِيهِ الْإِسْلَام من اجْتِنَاب مَحْظُورَات دينه (وَلما يَأْتِي) من أَن الْعَدَالَة يتصنع فِي إظهارها فتظن وَلَيْسَت ثَابِتَة (ورد تَرْجِيح الْعَدَالَة بِالْكَثْرَةِ) أَي بِسَبَب كَثْرَة المعدلين (بِأَنَّهُم وَإِن كَثُرُوا لَيْسُوا مخبرين بِعَدَمِ مَا أخبر بِهِ الجارحون) وَلَو أخبروا بِهِ لكَانَتْ شَهَادَة على النَّفْي، وَهِي بَاطِلَة، ذكره الْخَطِيب (وَمعنى هَذَا أَنهم) أَي المعدلين والجارحين (لم يتواردوا فِي التَّحْقِيق) على مَحل وَاحِد فَلَا تعَارض بَين خبريهما (فَأَما إِذا عين) الْجَارِح (سَبَب الْجرْح) بِأَن قَالَ قتل فلَانا يَوْم كَذَا مثلا (ونفاه الْمعدل يَقِينا) بِأَن قَالَ رَأَيْته حَيا بعد ذَلِك الْيَوْم (فالتعديل) أَي تَقْدِيمه على الْجرْح (اتِّفَاق وَكَذَا) يقدم على الْجرْح (لَو قَالَ) الْمعدل (علمت مَا جرحه) أَي الْجَارِح الشَّاهِد أَو الرَّاوِي (بِهِ) من القوادح (وَأَنه) أَي الْمَجْرُوح (تَابَ عَنهُ) أَي عَمَّا جرح بِهِ، هَذَا وناقش الشَّارِح فِي حِكَايَة الِاتِّفَاق فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَا فِي شرح السُّبْكِيّ من أَنَّهَا: يَعْنِي الصُّورَة الأولى من مواقع الْخلاف، والاعتماد على نقل المُصَنّف أَكثر.
[مسئلة]
(أَكثر الْفُقَهَاء وَمِنْهُم الْحَنَفِيَّة و) أَكثر (الْمُحدثين) وَمِنْهُم البُخَارِيّ وَمُسلم (لَا يقبل الْجرْح إِلَّا مُبينًا) سبه كَأَن يَقُول: فلَان مدمن خمرًا أَو آكل رَبًّا (لَا) كَذَلِك (التَّعْدِيل) فَيقبل من غير بَيَان (وَقيل بِقَلْبِه) أَي لَا يقبل التَّعْدِيل إِلَّا مُبينًا سَببه كَأَن يَقُول: (فلَان يجْتَنب الْكَبَائِر والإصرار على الصَّغِيرَة وخوارم الْمُرُوءَة، وَيقبل الْجرْح بِلَا ذكر سَببه (وَقيل) يقبل الْإِطْلَاق (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل فَإِن قلت من أَيْن يفهم مرجع ضمير قيل؟ قلت من قَوْله لَا التَّعْدِيل، فَإِن مَعْنَاهُ يقبل من غير بَيَان كَمَا مر (وَقيل لَا) يقبل الْإِطْلَاق فيهمَا فَلَا بُد من الْبَيَان فِي كل مِنْهُمَا. قَالَ (القَاضِي) أَبُو بكر قَالَ (الْجُمْهُور من أهل الْعلم إِذا جرح من لَا يعرف الْجرْح يجب الْكَشْف) عَن ذَلِك (وَلم يوجبوه) أَي الْكَشْف (على عُلَمَاء الشَّأْن. قَالَ) القَاضِي (ويقوى عندنَا تَركه) أَي الْكَشْف (إِذا كَانَ الْجَارِح عَالما كَمَا لَا يجب استفسار الْمعدل) عَمَّا صَار الْمُزَكي عِنْده عدلا بِهِ (وَهَذَا) (مَا يُخَالف مَا) نقل (عَن أَمَام الْحَرَمَيْنِ) وَهُوَ قَوْله (إِن كَانَ) كل من الْمعدل والجارح (عَالما كفى) الْإِطْلَاق (فيهمَا) أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن عَالما (لَا) يَكْفِي الْإِطْلَاق فيهمَا كَمَا اخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَغَيره، وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ والرازي والخطيب (فِي الِاكْتِفَاء فِي التَّعْدِيل بِالْإِطْلَاقِ) فَإِنَّهُ على قَول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute