للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإلهية، أجِيبُوا بِأَن التَّعَدُّد الَّذِي يكون فِي الْكَلَام بِاعْتِبَار المتعلقات لَا التَّعَدُّد الوجودي فَقَوله فبعروض التَّعَلُّق إِلَى آخِره خبر الْمُبْتَدَأ (فَحَيْثُ نفوا عَنهُ) أَي عَن الْكَلَام الأزلي (التَّعَلُّق فَهُوَ) أَي فنفيه عَنهُ (بِهَذَا) الْمَعْنى (وَإِذا أثبت) لَهُ التَّعَلُّق (فبذلك) أَي فَأثْبت بذلك الْمَعْنى، فالنفي وَالْإِثْبَات لَا يتواردان على مَحل وَاحِد فالنزاع لَفْظِي، ثمَّ إِن هَذَا إِنَّمَا يَتَأَتَّى على القَوْل بالْكلَام النَّفْسِيّ كَمَا هُوَ الْحق.

[مسئلة]

(يَصح) عَن الْجُمْهُور (تَكْلِيفه تَعَالَى بِمَا علم انْتِفَاء شَرط وجوده) الَّذِي لَيْسَ بمقدور للمكلف (فِي الْوَقْت) أَي وَقت الْفِعْل كَمَا لَو أَمر بصيام غَد من علم مَوته قبل الْغَد (خلافًا للْإِمَام والمعتزلة والاتفاق) على صِحَة التَّكْلِيف بِالْفِعْلِ (فِيمَن لَا يعلم) انْتِفَاء شَرط وجوده الَّذِي لَيْسَ بمقدور للمكلف وَقت فعله وَهُوَ منحصر فِي غَيره تَعَالَى كَقَوْل السَّيِّد لعَبْدِهِ صم غَدا غير عَالم بِبَقَاء حَاله إِلَى غَد (لنا لَو شَرط) لصِحَّة التَّكْلِيف (الْعلم) للمكلف بِكَسْر اللَّام (بالوجود) أَي بِوُجُود الشَّرْط الْمَذْكُور (لم يعْص مُكَلّف بِالتّرْكِ) فَإِن قلت بطلَان هَذَا لَا يسْتَلْزم الْمَطْلُوب وَهُوَ صِحَة التَّكْلِيف بِمَا علم انْتِفَاء شَرط الْوُجُود لجَوَاز انْتِفَاء الْعلم بالانتفاء وَالْعلم بالوجود مَعًا قُلْنَا إِنَّمَا يتَصَوَّر فِي حق غَيره تَعَالَى، وَأما فِي حَقه تَعَالَى فَلَا بُد من أحد العلمين، فانتفاء كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَلْزم ثُبُوت الآخر، ثمَّ بَين الْمُلَازمَة بقوله (لاستلزامه) أَي ترك الْمَأْمُور بِهِ (انْتِفَاء إِرَادَة الْفِعْل) لِأَن فعل الْمُكَلف مَشْرُوط إِرَادَة الله تَعَالَى إِيَّاه (وَهُوَ) انْتِفَاء الْإِرَادَة الَّتِي هِيَ شَرط وجود الْفِعْل (مَعْلُوم لَهُ تَعَالَى) والمفروض أَن شَرط التَّكْلِيف الْعلم بالوجود وَهُوَ مُنْتَفٍ (فَلَا تَكْلِيف) بِهِ (فَلَا مَعْصِيّة) إِذْ هِيَ فرع التَّكْلِيف وَاللَّازِم بَاطِل بِالضَّرُورَةِ من الدّين (وَيلْزم) أَيْضا (فِي غَيره تَعَالَى انْتِفَاء الْعلم بالتكليف أبدا) فَيلْزم عدم علم الْمُكَلّفين بأسرهم بالتكليف (لتجويز الانتفاء) إِذْ يجوز كل أحد انْتِفَاء شَرط الْوُجُود المستلزم انْتِفَاء التَّكْلِيف (فِي الْوَقْت وأجزائه لَو) كَانَ الْوَقْت (موسعا لغيبه) أَي لكَون وجود الشَّرْط غَائِبا عَمَّا أحَاط بِهِ علمهمْ لتجويزهم الْمَوْت قبل الْفِعْل (فَيمْتَنع الِامْتِثَال) إِذْ هُوَ فرع الْعلم بالتكليف، يرد عَلَيْهِ أَن لُزُوم انْتِفَاء الْفِعْل بِالْكُلِّيَّةِ غير مُسلم لجَوَاز حُصُول الْعلم بإعلام الله تبَارك وَتَعَالَى وَلَعَلَّه أَرَادَ انْتِفَاء الْعلم بِهِ لغير إِعْلَامه تَعَالَى وَقد انْعَقَد الْإِجْمَاع لوُجُود علم الْمُكَلف بالتكليف بِغَيْر الْإِعْلَام (وَيلْزمهُ) أَي انْتِفَاء الْعلم بالتكليف (عدم إقدام الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على الذّبْح) لوَلَده. قَالَ الشَّارِح: لانْتِفَاء شَرط حلّه عِنْد وقته: وَهُوَ عدم النّسخ وَاللَّازِم بَاطِل لِأَنَّهُ أقدم عَلَيْهِ قطعا انْتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>