للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَصْف الَّذِي كلف بالإخبار ثَانِيًا، وَهل ينْتَقل وصف أحد النقيضين إِلَى الآخر فَالْوَجْه أَن يُقَال إِذا كَانَ مَضْمُون الْخَبَر مِمَّا يتَغَيَّر ويتبدل ككفر زيد، فَفِي زمَان اتصافه بالْكفْر يحسن أَن يُؤمر بِأَن يَقُول زيد لَيْسَ بِكَافِر (وَكَذَا الْمُعْتَزلَة) يَنْبَغِي أَن يكون قَوْلهم على هَذَا التَّفْصِيل.

[مسئلة]

(قيل) وقائله بعض الْمُعْتَزلَة والظاهرية (لَا ينْسَخ) الحكم (بِلَا بدل) عَنهُ (فَإِن أُرِيد) بِالْبَدَلِ بدل مَا (وَلَو) كَانَ ثُبُوته (بِإِبَاحَة أَصْلِيَّة فاتفاق) كَونه لَا يجوز بِلَا بدل لِأَنَّهُ تَعَالَى لم يتْرك عباده هملا فِي وَقت من الْأَوْقَات، وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الرسَالَة: وَلَيْسَ ينْسَخ فرض أبدا إِلَّا أثبت مَكَانَهُ فرض كَمَا نسخت قبْلَة بَيت الْمُقَدّس، فَأثْبت مَكَانهَا الْكَعْبَة انْتهى. وَقَالَ الصَّيْرَفِي فِي شرحها أَنه ينْقل من حظر إِلَى إِبَاحَة وَمن إِبَاحَة إِلَى حظر أَو تَخْيِير على حسب أَحْوَال الْفُرُوض قَالَ: وَمثل ذَلِك الْمُنَاجَاة كَأَن يُنَاجِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَا تَقْدِيم صَدَقَة، ثمَّ فرض الله تَقْدِيم الصَّدَقَة، ثمَّ أَزَال ذَلِك فردهم إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ. قَالَ فَهَذَا معنى قَول الشَّافِعِي فرض مَكَان فرض فتفهمه انْتهى. (أَو) أُرِيد بِالْبَدَلِ بدل (مفَاد بِدَلِيل النّسخ فَالْحق نَفْيه) أَي نفي هَذَا السَّلب الْكُلِّي أَعنِي لَا نسخ بِلَا بدل (لِأَنَّهُ) أَي السَّلب الْمَذْكُور قَول (بِلَا مُوجب وَالْوَاقِع خِلَافه كنسخ حُرْمَة الْمُبَاشرَة) للنِّسَاء (بعد الْفطر) فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره عَن الْبَراء بن عَازِب كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ الرجل صَائِما فَحَضَرَ الْإِفْطَار فَنَامَ قبل أَن يفْطر لم يَأْكُل ليلته وَلَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي، وَفِي سنَن أبي دَاوُد وَغَيرهَا عَن ابْن عَبَّاس، وَكَانَ النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلوا الْعَتَمَة حرم عَلَيْهِم الطَّعَام وَالشرَاب، وَالنِّسَاء وصاموا إِلَى الْقَابِلَة، وَالْمَشْهُور فِي رِوَايَة ابْن عبد الْبر، أَو الْمَقْطُوع فِي رِوَايَات الْبَراء أَن ذَلِك كَانَ مُقَيّدا بِالنَّوْمِ، ويترجح بِقُوَّة سَنَده (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَي من النَّاسِخ لحكم بِغَيْر بدل (نَاسخ ادخار لُحُوم الْأَضَاحِي) فَوق ثَلَاث لِأَنَّهُ مقرون بِبَدَل: حَيْثُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها ونهيتكم عَن لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث فأمسكوا مَا بدا لكم " رَوَاهُ مُسلم فَهَذِهِ إِبَاحَة شَرْعِيَّة هِيَ بدل مفَاد بِدَلِيل النّسخ، وَفِي هَذَا تَعْرِيض بِابْن الْحَاجِب فِي تمثيله لوُقُوع النّسخ بِلَا بدل (وَجَاز أَن لَا يتَعَرَّض الدَّلِيل) النَّاسِخ (لغير الرّفْع) لتَعلق حكم الْمَنْسُوخ (أَو) أُرِيد بقوله بِلَا بدل (بِلَا ثُبُوت حكم شَرْعِي) لذَلِك الْفِعْل (وَإِن لم يكن) ذَلِك الحكم ثَابتا (بِهِ) أَي بِدَلِيل النّسخ (فَكَذَلِك) أَي الْحق نَفْيه (لذَلِك) أَي لكَونه بِلَا مُوجب إِلَى آخِره (وَتَكون) الصّفة (الثَّابِتَة) للْفِعْل (الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة) فَإِنَّهَا لَيست بِحكم شَرْعِي على الْمُخْتَار، و (لَكِن لَيْسَ مِنْهُ) أَي من النّسخ بِلَا ثُبُوت حكم شَرْعِي (نسخ تَقْدِيم الصَّدَقَة)

<<  <  ج: ص:  >  >>