للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جهل (الشَّفِيع بِالْبيعِ) لما يشفع فِيهِ عذر لَهُ فِي عدم سُقُوط شفعته (فَلَو بَاعَ) الشَّفِيع (الدَّار الْمَشْفُوع بهَا بعد بيع دَار بجوارها) أَي بجوار الدَّار الْمَشْفُوع بهَا (غير عَالم) بِبيع الْمَشْفُوع فِيهَا حَال عَن فَاعل بَاعَ (لَا يكون) بَيْعه الْمَشْفُوع بهَا (تَسْلِيمًا للشفعة) بل لَهُ الشُّفْعَة فِيهَا إِذا علم بِالْبيعِ لِأَن دَلِيل الْعلم خَفِي لانفراد صَاحب الْملك بِبيعِهِ (و) كَذَا جهل (الْأمة الْمَنْكُوحَة) عذر لَهَا فِي عدم سُقُوط خِيَار الْعتْق لَهَا (إِذا جهلت عتق الْمولى) إِيَّاهَا (فَلم تفسخ) النِّكَاح فَوْرًا (أَو عَلمته) أَي عتق الْمولى (وجهلت ثُبُوت الْخِيَار لَهَا شرعا لَا يبطل خِيَارهَا) قَوْله لَا يبطل جَزَاء الشَّرْط وَقَوله (وعذرت) مَعْطُوف عَلَيْهِ، أما الأولى فَلِأَن الْمولى مُسْتَقل بِالْعِتْقِ وَلَا يُمكنهَا الْوُقُوف عَلَيْهِ قبل الْإِخْبَار. وَأما الثَّانِي فلاشتغالها بِخِدْمَة الْمولى وَلعدم فراغها لمعْرِفَة أَحْكَام الشَّرْع فَلَا يقوم اشتهار الدَّلِيل فِي دَار الْإِسْلَام مقَام علمهَا (بِخِلَاف الْحرَّة زَوجهَا غير الْأَب وَالْجد) حَال كَونهَا (صَغِيرَة فبلغت جاهلة بِثُبُوت حق الْفَسْخ) أَي فسخ النِّكَاح (لَهَا) إِذا بلغت فَلم تفسخ (لَا تعذر) لجهلها بِهَذَا الحكم فَلَيْسَ لَهَا حق الْفَسْخ بِهِ (لِأَن الدَّار دَار الْعلم، وَلَيْسَ للْحرَّة مَا يشغلها عَن التَّعَلُّم فَكَانَ جهلها لتقصيرها) فِي التَّعَلُّم (بِخِلَاف الْأمة) لما ذكر، وَالْمرَاد بالجد الْجد الصَّحِيح، بِخِلَاف من سوى الْأَب وَالْجد لعدم كَمَال الرَّأْي فِي الْأُم وَعدم وفور الشَّفَقَة فِي غَيرهَا.

[مسئلة]

(الْمُجْتَهد بعد اجْتِهَاده فِي) تَحْصِيل (حكم) لحادثة اجْتِهَادًا انْتهى إِلَى تعينه على وَجه (مَمْنُوع من التَّقْلِيد) لغيره من الْمُجْتَهدين (فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الحكم، فَالْحكم الْمُجْتَهد فِيهِ الَّذِي قَصده الْمُجْتَهد أَمر إجمالي فِي بداية الِاجْتِهَاد يتَعَيَّن آخر بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ على وَجه، وبالنسبة إِلَى مُجْتَهد آخر على وَجه فَيجب على الْمُجْتَهد اتِّبَاع مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده، وَلَا يجوز لَهُ اتِّبَاع مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاد الآخر (اتِّفَاقًا) لوُجُوب اتِّبَاع اجْتِهَاده إِجْمَاعًا (وَالْخلاف) إِنَّمَا هُوَ فِي تَقْلِيده لغيره قبله) أَي قبل اجْتِهَاده فِي الحكم. (وَالْأَكْثَر) من الْعلمَاء على أَنه (مَمْنُوع) من تَقْلِيد غَيره مطبقا: مِنْهُم أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على مَا ذكره أَبُو بكر الرَّازِيّ وَأَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ وَمَالك على مَا فِي أصُول ابْن مُفْلِح، وَذكر الْبَاجِيّ أَنه قَول أَكثر الْمَالِكِيَّة، وَذكر الرَّوْيَانِيّ أَنه مَذْهَب عَامَّة الشَّافِعِيَّة: وَظَاهر نَص الشَّافِعِي وَأحمد وَأكْثر أَصْحَابه، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيّ والآمدي وَابْن الْحَاجِب، وَمَا روى عَن أبي يُوسُف أَنه صلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة وَتَفَرَّقُوا ثمَّ أخبر بِوُجُود فَأْرَة ميتَة فِي بِئْر حمام اغْتسل مِنْهُ، فَقَالَ: نَأْخُذ بقول أَصْحَابنَا من أهل الْمَدِينَة: إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لَا يحمل

<<  <  ج: ص:  >  >>