فَيعْمل بِهِ عِنْد تعَارض جهني الصدْق وَالْكذب فِي خَبره (بِخِلَاف الحَدِيث، لِأَن فِي عدُول الروَاة كَثْرَة بهم غنية بِخِلَافِهِ) أَي خبر الْفَاسِق (فِي الْهَدِيَّة وَالْوكَالَة وَمَا لَا إِلْزَام فِيهِ من الْمُعَامَلَات للزومها) أَي الضَّرُورَة (للكثرة) لوُجُوبهَا (وَلَا دَلِيل) عَلَيْهَا متيسر عَادَة (سواهُ) أَي خبر الْفَاسِق: إِذْ لَا يَتَيَسَّر لكل مهد ومرسل بِخَبَر وَنَحْوهمَا عدل يقوم بِهِ، وَقد جرت السّنة والتوارث بإرسال الْهَدَايَا على يَد العبيد والجواري مُسلمين كَانُوا أَولا، وَقبُول ذَلِك من غير النفات إِلَى حَال الْوَاصِل بهما فَكَانَ ذَلِك إِجْمَاعًا على الْقبُول فَاعْتبر مُطلقًا (وَمثله) أَي الْفَاسِق (المستور) وَهُوَ من لم تعرف عَدَالَته وَلَا فسقه (فِي الصَّحِيح) فخبره لَيْسَ بِحجَّة حَتَّى تظهر عَدَالَته، وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة كالعدل فِي الْإِخْبَار بِنَجَاسَة المَاء وطهارته وَرِوَايَة الْإِخْبَار (وَأما الْمَعْتُوه وَالصَّبِيّ فِي نَحْو النَّجَاسَة) أَي الْإِخْبَار بِنَجَاسَة المَاء وطهارته، وَفِي رِوَايَة الحَدِيث وَغَيرهَا من الديانَات، (فكالكافر) فِي عدم قبُول إخْبَاره لعدم ولايتهما على نفسهما فعلى غَيرهمَا أولى وَالصَّبِيّ مَرْفُوع الْقَلَم فَلَا يُبَالِي عَن الْكَذِب (وَكَذَا الْمُغَفَّل) أَي الشَّديد الْغَفْلَة، وَهُوَ الَّذِي غلب على طبعه الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان فِي سَائِر الْأَحْوَال (والمجازف) وَهُوَ الَّذِي يتَكَلَّم من غير احْتِيَاط، وَلَا يشْتَغل بالتدارك بعد الْعلم كالكافر فِي عدم قبُول إخْبَاره فالسهو والغلط فِي روايتهما يتَرَجَّح كَمَا يتَرَجَّح الْكَذِب فِي الْكَافِر وَالْفَاسِق.
[مسئلة]
(مَجْهُول الْحَال وَهُوَ المستور غير مَقْبُول، وَعَن أبي حنيفَة فِي غير الظَّاهِر) من الرِّوَايَة عَنهُ (قبُول مَا لم يردهُ السّلف، وَجههَا) أَي هَذِه الرِّوَايَة (ظُهُور الْعَدَالَة بالتزامه الْإِسْلَام، ولأمرت أَن أحكم بِالظَّاهِرِ) وَقد مر الْكَلَام فِيهِ قَرِيبا (وَدفع) وَجههَا (بِأَن الْغَالِب أظهر وَهُوَ) أَي الْغَالِب (الْفسق) فِي هَذِه الْأَزْمِنَة (فَيرد) خَبره (بِهِ) أَي بِهَذَا الْغَالِب (مَا لم تثبت الْعَدَالَة بِغَيْرِهِ) أَي غير الْتِزَامه الْإِسْلَام (وَقد ينْفَصل) الْقَائِل بِهَذِهِ الرِّوَايَة (بِأَن الْغَلَبَة) للفسق (فِي غير رُوَاة الحَدِيث) لَا فِي الروَاة وَلَا سِيمَا الماضين (وَيدْفَع) هَذَا (بِأَنَّهُ) أَي كَون الْغَلَبَة فِي غير رُوَاة الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ (فِي المعروفين) مِنْهُم (لَا فِي المجهولين مِنْهُم، وَالِاسْتِدْلَال) لظَاهِر الرِّوَايَة (بِأَن الْفسق سَبَب التثبت) قَالَ تَعَالَى - {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} - (فَإِذا انْتَفَى) الْفسق (انْتَفَى) وجوب التثبت (وانتفاؤه) أَي الْفسق لَا يتَحَقَّق إِلَّا (بالتزكية) وَمَا لم ينتف الْفسق تبقى شبهته وَهِي مُلْحقَة بأصلها، وَجعل الشَّارِح الِاسْتِدْلَال لغير ظَاهر الرِّوَايَة وَلَا معنى لَهُ كَمَا لَا يخفى، ثمَّ قَوْله الِاسْتِدْلَال مُبْتَدأ خَبره (مَوْقُوف على) صِحَة (هَذَا الدّفع) الْمَدْلُول عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute