للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمُسْتَقْبل بِالتَّحْرِيمِ (لَيْسَ نسخا) لِأَن النّسخ رفع لحكم شَرْعِي وَالْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة لَيست إِيَّاه على الْمُخْتَار وَقد مر.

[مسئلة]

(يجوز نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ) عِنْد جُمْهُور الْفُقَهَاء والمتكلمين ومحققي الشَّافِعِيَّة (وَأَصَح قولي الشَّافِعِي الْمَنْع) فَإِنَّهُ قَالَ لَا ينْسَخ كتاب الله إِلَّا كتاب الله كَمَا كَانَ الْمُبْتَدِئ بفرضه فَهُوَ المزيل الْمُثبت بِمَا شَاءَ مِنْهُ جلّ جَلَاله وَلَا يكون ذَلِك لأحد من خلقه، وَهَكَذَا سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاخْتلف أَصْحَابه فَقيل المُرَاد نفي الْجَوَاز الْعقلِيّ، وَنسب إِلَى المحاسبي وَعبد الله ابْن سعيد والقلانسي وهم من أكَابِر أهل السّنة، ويروى عَن أَحْمد وَأبي إِسْحَاق الاسفراينى وَأبي الطّيب الصعلوكي وَأبي مَنْصُور، وَقيل لم يمْنَع الْعقل والسمع لكنه لم يقل وَهُوَ قَول ابْن سُرَيج. قَالَ السُّبْكِيّ: وَنَصّ الشَّافِعِي لَا يدل على أَكثر مِنْهُ ثمَّ قَالَ حَيْثُ وَقع نسخ الْقُرْآن بِالسنةِ فمعها قُرْآن عاضد لَهَا يبين توَافق الْكتاب وَالسّنة أَو نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ فمعه سنة عاضدة لَهُ تبين توافقهما (لنا لَا مَانع) عَقْلِي وَلَا شَرْعِي من ذَلِك (وَوَقع) والوقوع دَلِيل الْجَوَاز (فَإِن التَّوَجُّه إِلَى الْقُدس) أَي بَيت الْمُقَدّس (لَيْسَ فِي الْقُرْآن وَنسخ) التَّوَجُّه إِلَيْهِ (بِهِ) أَي بِالْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى - {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} - (وَكَذَا حُرْمَة الْمُبَاشرَة) بقوله تَعَالَى - {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث} - الْآيَة فَإِن تَحْرِيمهَا لَيْسَ فِي الْقُرْآن (وتجويز كَونه) أَي نسخ كل مِنْهُمَا (بِغَيْرِهِ) أَي غير الْقُرْآن (من سنة أَو) تَجْوِيز ثُبُوت حكم (الأَصْل) فِيهَا (بِتِلَاوَة) أَي بمتلو من الْقُرْآن (نسخت وَذَلِكَ) التجويز (على) تَقْدِير (الْمُوَافقَة) فِيهِ مَعَ الْخصم (احْتِمَال بِلَا دَلِيل) فَلَا يسمع (ثمَّ لَو صَحَّ) مَا ذكرْتُمْ من التجويز الْمَذْكُور (لم يتَعَيَّن نَاسخ علم تَأَخره مَا لم يقل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا نَاسخ) لكذا وَنَحْوه لذَلِك الِاحْتِمَال (وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع قَالُوا أَي المانعون) أَولا قَوْله تَعَالَى - {وأنزلنا إِلَيْك الذّكر لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} - يقتضى أَن شَأْنه الْبَيَان للْأَحْكَام، والنسخ رفع لَا بَيَان (أُجِيب) بِتَسْلِيم شَأْنه وَمنع أَنه لَيْسَ بِبَيَان بقوله (والنسخ) رفع لَا بَيَان (مِنْهُ) أَي من الْبَيَان لِأَنَّهُ بَيَان انْتِهَاء مُدَّة الحكم (قَالُوا) ثَانِيًا نسخ السّنة بِالْقُرْآنِ (يُوجب التنفير) للنَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ يفهم أَن الله تَعَالَى لم يرض بِمَا سنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ منَاف لمقصد الْبعْثَة وَهُوَ التأسي بِهِ والاقتداء (أُجِيب) بِأَنا لَا نسلم حُصُول النفرة على تَقْدِير النّسخ (إِذا آمنا بِأَنَّهُ مبلغ) وسفير يعبر بِهِ عَن الله تَعَالَى لَا غير، وَإِذا كَانَ التَّصَرُّف كُله من الله - {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} -

<<  <  ج: ص:  >  >>