للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفعل حَتَّى تفعل) أَي إِلَى أَن تفعل وَأما قَول ابْن هِشَام الْمصْرِيّ كَونهَا بِمَعْنى أَلا ظَاهر فِيمَا أنْشدهُ ابْن مَالك من قَوْله

(لَيْسَ الْعَطاء من الفضول سماحة ...)

وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقَوله

(حَتَّى تجود وَمَا لديك قَلِيل ...)

وَمن قَوْله

(وَالله لَا يذهب شَيْخي بَاطِلا ...)

وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقَوله: حَتَّى أبير مَالِكًا وكاهلا) فقد أجَاب عَنهُ بقوله (للسَّبَبِيَّة أَو للغاية وَالله أعلم) فَمَعْنَى الْبَيْت الأول لَيْسَ إِعْطَاء الْإِنْسَان من المَال الْفَاضِل عَن حَاجته سماحة، حَتَّى يعد بِهِ الْمُعْطِي سَمحا جوادا، فَهُوَ لَا يزَال على عدم الْجُود إِلَى أَن يجود، وَلَيْسَ عِنْده إِلَّا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ، وَمعنى الْبَيْت الثَّانِي: لَا أترك أحدا أهلك أبي وَاسْتمرّ على الأبارة والإهلاك إِلَى أَن أبير هذَيْن الْحَيَّيْنِ من أَسد فَإِنَّهُمَا تعاضدا على قَتله، هَذَا على تَقْدِير الْمحل على الْغَايَة، وَأما على السَّبَبِيَّة، فالتوجيه أَن يُقَال عدم كَون الْعَطاء من الفضول سماحة سَبَب للجود من الْقَلِيل، لِأَن الاتصاف بالجود مطلب الْكِرَام فَإِذا لم يحصل بذلك، فَلَا جرم يتَمَسَّك بِمَا يحصل، وَكَذَا إِرَادَة الانتقام إِذا غلبت على النَّفس بِحَيْثُ لَا يَنْتَهِي عَنْهَا بِدُونِ التشفي، فَلَا جرم يفعل مَا يحصل بِهِ وَهُوَ إهلاك الْحَيَّيْنِ، وَزعم الشَّارِح أَن التَّرَدُّد بَين السَّبَبِيَّة والغاية إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَيْت الثَّانِي، وَأما الْبَيْت الأول فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْغَايَة.

حُرُوف الْجَرّ: مسئلة

(الْبَاء) بِاعْتِبَار مَا وضعت لإِقْرَاره من النّسَب الْجُزْئِيَّة وَجعل آلَة لملاحظتها عِنْد الْوَضع (مشكك) بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِضَافَة الَّتِي ستذكر وَلَيْسَ بمتواطئ، ثمَّ بَين ذَلِك بقوله (للالصاق) وَهُوَ تَعْلِيق الشَّيْء بالشَّيْء وإيصاله بِهِ (الصَّادِق فِي أَصْنَاف الِاسْتِعَانَة) بدل بعض، وَهُوَ طلب المعونة بِشَيْء على شَيْء، وَهِي الدَّاخِلَة على آلَة الْفِعْل نَحْو: كتبت بالقلم لالصاقك الْكِتَابَة بالقلم (والسببية) وَهِي الدَّاخِلَة على اسْم لَو أسْند الْفِعْل المعدي بهَا إِلَيْهِ صلح أَن يكون فَاعِلا لَهُ مجَازًا كَقَوْلِه تَعَالَى - {فَأخْرج بِهِ من الثمرات} -: إِذْ يَصح أَن يُقَال أخرج المَاء الثمرات مجَازًا. وَقَالَ ابْن مَالك ينْدَرج فِيهَا بَاء الِاسْتِعَانَة: إِذْ يَصح أَن يُقَال كتبت الْقَلَم، نعم فِي مثل قَوْله تَعَالَى - {وأيده بِجُنُود} - اسْتِعْمَال السَّبَبِيَّة يجوز الِاسْتِعَانَة لِأَن الله تَعَالَى غنى عَن الْعَالمين انْتهى، وَفِيه أَن استغناءه كَمَا يَقْتَضِي عدم الِاسْتِعَانَة بِحَسب الْحَقِيقَة كَذَلِك يَقْتَضِي عدم السب بحسبها، وَأما بِحَسب الظَّاهِر فَلَا يمْنَع شَيْئا مِنْهُمَا: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال لم يرد فِي الشَّرْع استعانته وَلَو تجوزا فَلْيتَأَمَّل (والظرفية) مَكَانا أَو زَمَانا وَهُوَ مَا يحسن فِي موضعهَا كلمة فِي - {وَلَقَد نصركم الله ببدر} {نجيناهم بِسحر} - (والمصاحبة) وَهِي مَا يحسن فِي موضعهَا مَعَ - {قد جَاءَكُم الرَّسُول بِالْحَقِّ} -، ثمَّ علل كَونهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>