يكون الْقَصْد إِلَى مُبَاح فَيلْزمهُ مَعْصِيّة) لذَلِك لَا أَنه قصد عينهَا (كوكز مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام) أَي كدفعه بأطراف أَصَابِعه، وَقيل بِجمع الْكَفّ القبطي واسْمه فانون (وتقترن) الزلة (بالتنبيه) على أَنَّهَا زلَّة، أما من الْفَاعِل كَقَوْلِه: هَذَا من عمل الشَّيْطَان: أَي هيج غَضَبي حَتَّى ضَربته فَوَقع قَتِيلا، أَو من الله تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى - {وَعصى آدم ربه فغوى} - أَي أَخطَأ بِأَكْل الشَّجَرَة الَّتِي نهى عَن أكلهَا وَطلب الْملك والخلد بذلك (وَكَأَنَّهُ) أَي هَذَا النَّوْع خطأ من حَيْثُ أَنه لم يقْصد مَا آل إِلَيْهِ (شبه عمد) من حَيْثُ الصُّورَة لقصده إِلَى أصل الْفِعْل (فَلم يسموه خطأ) نظرا إِلَى قصد أصل الْفِعْل (وَلَو أَطْلقُوهُ) أَي الْخَطَأ عَلَيْهِ كَمَا أطلقهُ غَيرهم (لم يمْتَنع وَكَانَ أنسب من الِاسْم المستكره) أَي الزلة، وَقد قَالُوا: لَو رمى غَرضا فَأصَاب آدَمِيًّا كَانَ خطأ مَعَ قصد الرَّمْي غير أَن قَوْله تَعَالَى - {فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا} - رُبمَا يؤيدهم، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يفرق بَين أَن يكون الْإِطْلَاق من الله تَعَالَى فِي حق نبيه، وَأَن يكون من الْعباد فِي حَقه.
(فصل: حجية السّنة)
سَوَاء كَانَت مفيدة للْفَرض أَو الْوَاجِب أَو غَيرهمَا (ضَرُورَة دينية) كل من لَهُ عقل وتمييز حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان يعرف أَن من ثَبت نبوته صَادِق فِيمَا يخبر عَن الله تَعَالَى وَيجب اتِّبَاعه (ويتوقف الْعلم بتحققها) أَي السّنة بِمَعْنى كَونهَا صادرة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مرجع الضَّمِير حجيتها كَمَا زعم الشَّارِح (وَهِي) أَي السّنة (الْمَتْن) أَي تسمى عِنْد الْأُصُولِيِّينَ والمحدثين بِالْمَتْنِ، جملَة مُعْتَرضَة بَين الْفِعْل وصلته: أَعنِي قَوْله (على طَرِيقه) أَي الْمَتْن، ثمَّ فسر طَرِيقه بقوله (السَّنَد) إِذْ بِهِ يعرف ثُبُوته، ثمَّ فسره بقوله (الْأَخْبَار عَنهُ) أَي عَن الْمَتْن (بِأَنَّهُ حدث بِهِ) أَي بِالْمَتْنِ، (فلَان) وَفُلَان فَصَاعِدا مَا لم يصل حد التَّوَاتُر (أَو خلق) يحِيل الْعقل تواطأهم على الْكَذِب، وَأَشَارَ فِي أثْنَاء التَّعْرِيف إِلَى عدَّة من الْأَلْفَاظ الاصطلاحية فَلَا يرد أَنه يَكْفِي بَعْضهَا، وَقيل السَّنَد مَأْخُوذ من السَّنَد: مَا ارْتَفع وَعلا عَن سفح الْجَبَل: أَي أَسْفَله لِأَن الْمسند يرفعهُ إِلَى قَائِله، وَمن قَوْلهم: فلَان سَنَد: أَي مُعْتَمد لاعتماد الْمُحدث عَلَيْهِ فِي صِحَّته وَضَعفه (وَهُوَ) أَي الْمَتْن (خبر وإنشاء) وَجه الْحصْر ذكر فِي الْمقَالة الأولى (فَالْخَبَر قيل لَا يحد لعسره) أَي لعسر تحديده على وَجه جَامع للْجِنْس والفصل لتعسر معرفَة الذاتيات كَمَا قيل مثله فِي الْعلم (وَقيل لِأَن علمه) أَي الْخَبَر (ضَرُورِيّ) والتعريف إِنَّمَا يكون للنظريات وَهَذَا اخْتِيَار الإِمَام الرَّازِيّ والسكاكي (لعلم كل) أحد سَوَاء كَانَ من أهل النّظر أَولا (بِخَبَر خَاص ضَرُورَة، وَهُوَ) أَي الْخَبَر الْخَاص (أَنه مَوْجُود، وتمييزه) أَي ولتمييز الْخَبَر (عَن قسيمه) الَّذِي هُوَ الْإِنْشَاء (ضَرُورَة) من غير احْتِيَاج إِلَى نظر وفكر، فَلَو كَانَ تصَوره نظريا لما كَانَ تَمْيِيزه عَنهُ ضَرُورِيًّا لاحتياجه إِلَى تصَوره، وَإِذا كَانَ الْخَبَر الْمُقَيد الَّذِي هُوَ الْخَاص ضَرُورِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute