للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَحسن السِّيرَة) أَي الْأَخْلَاق (ينعكس حَالهم) أَي الَّذين صدر عَنْهُم الْمعْصِيَة فِي الْبِدَايَة (فِي الْقُلُوب) من تِلْكَ الْحَال إِلَى التَّعْظِيم والإجلال (ويؤكده) أَي انعكاس حَالهم حِينَئِذٍ (دلَالَة المعجزة) على صدقه وحقية مَا أَتَى بِهِ، فَإِن كثيرا من الْأَوْلِيَاء كَانُوا أَرْبَاب مَعْصِيّة فِي بَدْء حَالهم أَلا ترى أَن الله تَعَالَى قدم التوابين على المتطهرين فِي كِتَابه الْمجِيد عِنْد ذكر الْمحبَّة - {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} - (والمشاهدة وَاقعَة بِهِ) أَي بالانعكاس الْمَذْكُور (فِي آحَاد انْقَادَ الْخلق) النَّقْد تَمْيِيز الْجيد من الدَّرَاهِم وَغَيرهَا عَن الرَّدِيء، وَالْمرَاد: الممتازون من الصلحاء بِأَنَّهُم كَانُوا فِي الْبِدَايَة موصوفين بضد الصّلاح محقرين عِنْد الْخلق ثمَّ انعكس حَالهم (إِلَى إجلالهم بعد الْعلم بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ) من أَحْوَال تنَافِي ذَلِك، بل رُبمَا يكونُونَ أعز لمزيد ظُهُور عناية الْحق سُبْحَانَهُ فِي حَقهم (فَلَا معنى لإنكاره، وَبعد الْبعْثَة الِاتِّفَاق) من أهل الشَّرَائِع كَافَّة (على عصمته) أَي النَّبِي (عَن تعمد مَا يخل بِمَا يرجع إِلَى التَّبْلِيغ) من الله إِلَى الْخلق كالكذب فِي الْأَحْكَام، وَإِلَّا لَأَدَّى إِلَى إبِْطَال دلَالَة المعجزة وَهُوَ محَال (وَكَذَا) الِاتِّفَاق على عصمته مِمَّا يخل بِمَا ذكر (غَلطا) ونسيانا (عِنْد الْجُمْهُور خلافًا للْقَاضِي أبي بكر، لِأَن دلَالَة المعجزة) على عدم كذبه إِنَّمَا هِيَ (على عدم الْكَذِب قصدا) وَذَلِكَ لَا يُنَافِي صدوره غَلطا، وَمَا هُوَ من فلتات اللِّسَان (و) على (عدم تَقْرِيره على السَّهْو) إِذْ لَا بُد من بَيَانه والتنبيه عَلَيْهِ فَإِن لم يَقع يخل بمصلحة التَّبْلِيغ (فَلم يرْتَفع الْأمان عَمَّا يخبر بِهِ عَنهُ تَعَالَى) فَانْدفع مَا قيل من أَنه يلْزم مِنْهُ عدم الوثوق بتبليغه لاحْتِمَال السَّهْو والغلط على تَقْدِير عدم عصمته عَنْهُمَا (وَأما غَيره) أَي غير مَا يخل بِمَا يرجع إِلَى التَّبْلِيغ (من الْكَبَائِر والصغائر الخسية) وَهِي مَا يلْحق صَاحبهَا بالأرذال والسفل وينسب إِلَى دناءة الهمة، وَسُقُوط الْمُرُوءَة كسرقة كسرة والتطفيف بِحَبَّة (فالإجماع على عصمتهم عَن تعمدها سوى الحشوية وَبَعض الْخَوَارِج) وهم الْأزَارِقَة حَتَّى جوزوا عَلَيْهِ الْكفْر فَقَالُوا: يجوز أَن يبْعَث الله نَبيا علم أَنه يكفر بعد نبوته. ثمَّ الْأَكْثَر على أَن امْتِنَاعه مُسْتَفَاد من السّمع وَإِجْمَاع الْأمة قبل ظُهُور الْمُخَالفين فِيهِ، والمعتزلة على أَنه مُسْتَفَاد من الْعقل على أصولهم (و) على (تجويزها) أَي الْكَبَائِر والصغائر الخسية (غَلطا وبتأويل خطأ) بِنَاء على تَجْوِيز اجْتِهَاد النَّبِي وخطئه فِيهِ، وَقَوله وتجويزها مَعْطُوف على عصمتهم، فَالْمَعْنى وَأَجْمعُوا أَيْضا على التجوير الْمَذْكُور (إِلَّا الشِّيعَة فيهمَا) فِي الْغَلَط وَالْخَطَأ الْمَذْكُورين، هَذَا على مَا فِي البديع وَغَيره، وَفِي المواقف وَأما سَهوا فجوزه الْأَكْثَرُونَ، وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد وَالْمُخْتَار خِلَافه (وَجَاز تعمد غَيرهَا) أَي الْكَبَائِر والصغائر الْمَذْكُورَة كنظرة وَكلمَة سفه نادرة فِي غضب (بِلَا إِصْرَار عِنْد) أَكثر (الشَّافِعِيَّة والمعتزلة وَمنعه) أَي تعمد غَيرهَا (الْحَنَفِيَّة وجوزوا الزلة فيهمَا) أَي الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة (بِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>