ابْن الْحَاجِب والرازي وَأَتْبَاعه (خلافًا للْبَعْض) كالآمدي وَغَيره وَعَزاهُ السُّبْكِيّ إِلَى الْجُمْهُور (لِأَن كلا مِنْهُمَا) أَي وجود الْمَانِع وَانْتِفَاء الشَّرْط (وَعدم الْمُقْتَضى) باستقلاله (عِلّة عَدمه) أَي الحكم (فَجَاز إِسْنَاده) أَي إِسْنَاد عدم الحكم (إِلَى كل) من الثَّلَاثَة، أما استناد عَدمه إِلَى وجود الْمَانِع عِنْد وجود الْمُقْتَضى فَظَاهر، وَأما عِنْد عَدمه فَمَا أَفَادَهُ بقوله (بِمَعْنى لَو كَانَ لَهُ) أَي للْحكم (مقنض مَنعه) أَي الْمَانِع الحكم، وَأما استناده إِلَى انْتِفَاء الشَّرْط فَلَا يخْتَلف فِيهِ الْحَال بِاعْتِبَار وجود الْمُقْتَضى وَعَدَمه كَمَا لَا يخفى (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْمَانِع الَّذِي أسْند عدم الحكم إِلَيْهِ عِنْد عدم الْمُقْتَضى بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (فحقيقة المانعية) لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِالْمَنْعِ (بِالْفِعْلِ وَهُوَ) أَي الْمَنْع بِالْفِعْلِ (فرع) وجود (الْمُقْتَضى) لِأَنَّهُ إِذا لم يتَحَقَّق مَا يقتضى وجود الشَّيْء لَا يكون ذَلِك الشَّيْء فِي معرض البروز من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل حَتَّى يتَصَوَّر هُنَاكَ منع عَن البروز والوجود، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِذا لم يُوجد) الحكم (لعدم وجوده) أَي الْمُقْتَضى (فَيمْنَع) الْمَانِع (مَاذَا) أَي فَإِن قُلْنَا بمانعيته عِنْد ذَلِك يُقَال يمْنَع أَي شَيْء؟ وَالْحكم لَيْسَ بصدد الْوُجُود (وَاذْكُر مَا تقدم فِي فك الدّور) وَدفعه (لَهُم) أَي للقائل بِجَوَاز نقض الْعلَّة (فِي مسئلة النَّقْض) لَهَا من بَيَان الْفرق بَين المانعية بِالْفِعْلِ والمانعية بِالْقُوَّةِ، وتفصيل ذكر هُنَاكَ فَارْجِع إِلَيْهِ، وَفِي الْمَحْصُول انْتِفَاء الحكم لانْتِفَاء الْمُقْتَضى أظهر فِي الْعقل من انتفائه بِحُضُور الْمَانِع وَهَذَا يُفِيد أَن إِسْنَاد عدم الحكم إِلَى الْمَانِع فِي صُورَة عدم الْمُقْتَضى بِمَا يجوزه الْعقل أَيْضا فَافْهَم وفقك الله تَعَالَى للتوفيق بَين أَقْوَال الْمَشَايِخ.
المرصد الثَّالِث
فِي معرفَة الطّرق الموصلة إِلَى الظَّن بعلية الْعلَّة فَإِنَّهُ نَظَرِي، وَبَيَان المسالك الصَّحِيحَة، وَمَا يتَوَهَّم صِحَّته (طرق إِثْبَاتهَا) أَي إِثْبَات علية الْوَصْف الْمعِين للْحكم. وَقَوله طرق إِثْبَاتهَا خبر لقَوْله المرصد الثَّالِث (مسالك الْعلَّة) جمع مَسْلَك، وَهُوَ الطَّرِيق الَّذِي يسلكه الْمُجْتَهد فِي إِثْبَات الْعلية: وَهِي إِمَّا (متفقة) بَين الْفَرِيقَيْنِ على صِحَّتهَا، وَإِمَّا مُخْتَلف فِيهَا، وَلم يذكر هَذَا صَرِيحًا اكْتِفَاء بِبَيَان الْخلاف فِي كل قسم مِنْهُ (تقدم مِنْهَا) أَي من المتفقة (الْمُنَاسبَة) المعبرة (على الاصطلاحين) للشَّافِعِيَّة بِأَنَّهَا عِنْدهم التَّأْثِير على اخْتِلَاف فِي تَعْبِيره، فعندهم كَون الْوَصْف ثَبت اعْتِبَار عينه فِي عين الحكم بِنَصّ أَو إِجْمَاع أَو اعْتِبَار جنسه إِلَى آخر الْأَقْسَام، وَعند الشَّافِعِيَّة الأول فَقَط، فَكل من الْفَرِيقَيْنِ يَقُول بِصِحَّتِهَا على تَعْبِير الْحَنَفِيَّة، وَأما على تَعْبِير الشَّافِعِيَّة فَفِيهَا خلاف كَمَا صرح بقوله (وَالْخلاف فِي الإخالة) بَين الْفَرِيقَيْنِ فِي كَونهَا طَرِيقا مثبتا لاعْتِبَار الشَّرْع الْوَصْف عِلّة للْحكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute