لفظ الْأَمر بِمَعْنى الشَّأْن وَحَاصِل الْجَواب أَن عدم الِاشْتِقَاق فِيهِ (لعدمها) أَي المصدرية لَا للمجازية كَمَا زعم الْبَعْض وَعدم الِاشْتِقَاق (من) الإقبال والإدبار فِي قَوْلهم: (فَإِنَّمَا هِيَ إقبال وإدبار) مَعَ وجود الْمصدر بِأَن يُقَال هِيَ مقبلة ومدبرة (لفوت غَرَض الْمُبَالغَة) أَي غَرَض هُوَ الْمُبَالغَة الْحَاصِلَة من حمل الْمصدر على النَّاقة لِكَثْرَة مَا تقبل وتدبر، كَأَنَّهَا تجسمت من الإقبال والإدبار لَا للمجازية (وترجح أكثرية الْمجَاز للْكُلّ) أَي جَمِيع مرجحات الِاشْتِرَاك فَإِن من تتبع كَلَام الْعَرَب علم أَن الْمجَاز فِيهِ أَكثر من الْمُشْتَرك حَتَّى ظن بعض الْأَئِمَّة أَن أَكثر اللُّغَة مجَاز فيترجح الْحمل على الْأَعَمّ الْأَغْلَب.
[مسئلة]
(يعم الْمجَاز فِيمَا تجوز بِهِ فِيهِ فَقَوله) أَي فَلفظ الصَّاع فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تَبِيعُوا الدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ (وَلَا الصَّاع بالصاعين) إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم الرِّبَا " (يعم فِيمَا يُكَال بِهِ) وَهُوَ مَوْضُوع للمكيال الْخَاص مُسْتَعْمل مجَازًا فِيمَا يُكَال بِهِ مُسْتَغْرق جَمِيع أَفْرَاده (فَيجْرِي الرِّبَا فِي نَحْو الجص) مِمَّا لَيْسَ بمطعوم (ويفيد مناطه) أَي عِلّة الرِّبَا، لِأَن الحكم علق بالمكيل فَيُفِيد عَلَيْهِ مبدأ الِاشْتِقَاق (وَعَن بعض الشَّافِعِيَّة لَا) يعم، وَعَزاهُ غير وَاحِد إِلَى الشَّافِعِي (لِأَنَّهُ) أَي الْمجَاز (ضَرُورِيّ) أَي لضَرُورَة التَّوسعَة فِي الْكَلَام إِذْ الأَصْل فِيهِ الْحَقِيقَة (فَانْتفى) الرِّبَا (فِيهِ) أَي فى نَحْو الجص وَجه التَّفْرِيع أَن الثَّابِت ضَرُورَة يقْتَصر على قدر الضَّرُورَة والعموم زَائِد على قدرهَا، وَالْإِجْمَاع على أَن الطَّعَام مُرَاد، فَصَارَ المُرَاد بالصاع من أجمع عَلَيْهِ لَا غير (فَسلم عُمُوم الطَّعَام) يَعْنِي لَو ثَبت عَلَيْهِ الْكَيْل بِعُمُوم الصَّاع فِي مَعْنَاهُ الْمجَازِي بِحَيْثُ دخل تَحت عُمُومه نَحْو الجص لما سلم عُمُوم الطَّعَام، لِأَن عليته تَقْتَضِي عدم تحقق الحكم عِنْد عدم الْكَيْل، فالطعام لَا يدْخل تَحت الحكم عِنْد عدم الْكَيْل: كالطعام الَّذِي لَا يدْخل تَحت الْكَيْل، لَا يجْرِي فِيهِ الرِّبَا: فَعِنْدَ ذَلِك لم يسلم عُمُومه، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لانْتِفَاء علية الْكَيْل) وَعند انْتِفَاء عليته تتَعَيَّن عَلَيْهِ الطّعْم على مَا يفهم من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء ". أخرج مَعْنَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَامْتنعَ) أَن تبَاع (الحفنة بالحفنتين مِنْهُ) أَي من الطَّعَام (ولزمت عليته) أَي الطّعْم عِنْدهم (قيل) على مَا يفهم من كَلَام الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ (لم يعرف) نفي عُمُوم الْمجَاز (عَن أحد وَيبعد) أَن يَقُول بِهِ أحد (لِأَنَّهَا) أَي الضَّرُورَة الْمَدْلُول عَلَيْهَا بقوله لِأَنَّهُ ضَرُورِيّ (بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُتَكَلّم مَمْنُوع) يَعْنِي فَقَوْل مَانع عُمُوم الْمجَاز: أَن الْمجَازِي إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ للضَّرُورَة غير مُسلم (للْقطع بتجويز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute