بكذبه، وتقريرهم إِيَّاه على الْكَذِب يمْتَنع السُّكُوت عَادَة، وَذهب ابْن السَّمْعَانِيّ إِلَى اشْتِرَاط تمادي الزَّمن الطَّوِيل فِي ذَلِك.
[مسئلة]
(التَّعَبُّد بِخَبَر الْوَاحِد الْعدْل) وَهُوَ أَن يُوجب الشَّارِع الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ على الْمُكَلّفين (جَائِز عقلا خلافًا لشذوذ) وهم الجبائي فِي جمَاعَة من الْمُتَكَلِّمين (لنا الْقطع بِأَنَّهُ) أَي التَّعَبُّد بِهِ (لَا يسْتَلْزم محالا فَكَانَ) التَّعَبُّد بِهِ (جَائِزا) إِذْ لَا نعني بِالْجَوَازِ إِلَّا هَذَا وَلَا يمْنَع احْتِمَال الْكَذِب إِذْ الصدْق رَاجِح لعدالته إِذْ لَو لم يتعبد بالرجحان ويلتزم عدم الِاحْتِمَال لامتنع الْعَمَل بِشَهَادَة الشَّاهِدين، وَقَول الْمُفْتِي للعامي لتحَقّق الِاحْتِمَال فيهمَا، وَاللَّازِم مُنْتَفٍ إِجْمَاعًا (قَالُوا) التَّعَبُّد إِن لم يكن مُمْتَنعا لذاته فممتنع لغيره، لِأَنَّهُ (يُؤَدِّي إِلَى تَحْرِيم الْحَلَال وَقَلبه) أَي تَحْلِيل الْحَرَام، يَعْنِي لَو لزم علينا التَّعَبُّد بِخَبَر الْوَاحِد، وَمن الْجَائِز أَن يكون ذَلِك الْوَاحِد مخطئا فِيمَا أخبر بِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لجَوَاز خطئه) بِأَن أخبر بِحرْمَة فعل مثلا، وَفِي نفس الْأَمر هُوَ حَلَال أَو عَكسه (و) يُؤَدِّي إِلَى (اجْتِمَاع النقيضين) فِيمَا إِذا روى وَاحِد خَبرا يدل على الْحُرْمَة أَو تَسَاويا فِي الرُّتْبَة وَلم يكن هُنَاكَ رُجْحَان لأَحَدهمَا فَوَجَبَ الْعَمَل بهما، لِأَن الْمَفْرُوض وجوب التَّعَبُّد بِخَبَر الْوَاحِد كالعدل وكل مِنْهُمَا خبر الْوَاحِد الْعدْل، وَالْجمع بَينهمَا محَال (فَيَنْتَفِي الحكم) وَهُوَ التَّعَبُّد بِهِ (قُلْنَا الأول) أَي تأديته إِلَى تَحْرِيم الْحَلَال وَقَلبه (مُنْتَفٍ على إِصَابَة كل مُجْتَهد) أَي بِنَاء على رَأْي المصوبة، إِذْ الْحل وَالْحُرْمَة عِنْدهم تابعان لظن الْمُجْتَهد، وَمَعَ قطع النّظر عَن ظَنّه لَا حل وَلَا حُرْمَة (وعَلى اتحاده) أَي كَون الْمُصِيب وَاحِدًا (إِنَّمَا يلْزم) كَون التَّعَبُّد مُؤديا إِلَى ذَلِك (لَو قَطعنَا بِمُوجبِه) أَي خبر الْوَاحِد فَإِنَّهُ يلْزم حِينَئِذٍ كَونه مطابقا لما فِي نفس الْأَمر، وعَلى تَقْدِير الْخَطَأ يكون الْوَاقِع فِي نفس الْأَمر نقيضه، والمحظور التَّحْرِيم قطعا للْحَلَال بِحَسب نفس الْأَمر: أَي فِي حكم الله، لَا التَّحْرِيم ظنا بِحَسب مَا أدّى إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد لما هُوَ حَلَال فِي نفس الْأَمر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لَكنا) لَا نقطع، بل (نظنه، وَهُوَ) أَي ظَنّه (مَا) أَي الَّذِي (كلف) الْمُجْتَهد بِهِ: أَي بِالْعَمَلِ بِمُوجبِه (ونجوز خِلَافه) أَي خلاف ذَلِك المظنون ونقول: إِذا وَافق مظنونه مَا هُوَ حكم الله فِي نفس الْأَمر فمصيب والا فمخطئ (ونجزم بِأَن الثَّابِت فِي المتعارضين أحد الْحكمَيْنِ) وَهَذَا جَوَاب عَن الِاسْتِدْلَال الثَّانِي (فَإِن ظنناه) أَي ذَلِك الْأَخْذ بمرجح (سقط الآخر، وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يظنّ أَحدهمَا (فالتكليف) حِينَئِذٍ (بِالْوَقْفِ) أَي بالتوقف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute