بِالظَّاهِرِ) قد سبق أَنه لَا وجود لهَذَا الحَدِيث غير أَنه يُؤْخَذ مَعْنَاهُ من الحَدِيث السَّابِق (فَلَيْسَ بِشَيْء) جَوَاب أما، وَخبر الْمُبْتَدَأ: أَي لَيْسَ بِشَيْء يعْتد بِهِ فِي إِثْبَات الْمُدَّعِي لِأَن الْخلاف فِي الْخَطَأ فِي استنباط الحكم الشَّرْعِيّ على أمارته بِأَن لَا يكون المستنبط مطابقا لحكم الله تَعَالَى الْمعِين فِي تِلْكَ الْحَادِثَة، وَلم يقل أحد إِن لله فِي كل قَضِيَّة جزئية تقع فِيهَا الْخُصُومَة بَين يَدي القَاضِي حكما معينا إِن وَافقه القَاضِي فَحكمه صَوَاب وَإِلَّا فخطأ، وَلَو سلم فَلَيْسَ هَذَا خطأ فِي الِاجْتِهَاد لِأَن أَسبَاب حكم القَاضِي لَيست بأمارات يستنبط مِنْهَا الْخطاب الْمُتَعَلّق بِفعل العَبْد، وَهُوَ ظَاهر (وَكَذَا) لَيْسَ بِشَيْء (مَا يُوهِمهُ عبارَة بَعضهم من ثُبُوت الْخلاف) من بَيَانِيَّة للموصول (فِي الْإِقْرَار على الْخَطَأ فِيهِ) أَي الِاجْتِهَاد، يَعْنِي يُوهم عبارَة بعض الْأُصُولِيِّينَ أَن الَّذين قَالُوا بِجَوَاز وُقُوع الْخَطَأ فِي اجْتِهَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتلفُوا فِي أَنه هَل يقر على الْخَطَأ أم لَا؟ وَهَذَا الْوَهم لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ لَا خلاف فِيهِ (بل نَفْيه اتِّفَاق) أَي مُتَّفق عَلَيْهِ كَمَا صرح بِهِ الْعَلامَة وَغَيره. قَالَ الشَّارِح: ثمَّ قد ظهر سُقُوط التَّوَقُّف فِي جَوَاز الِاجْتِهَاد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا ذهب إِلَيْهِ الرَّازِيّ، وَالله تَعَالَى أعلم.
[مسئلة]
قَالَت (طَائِفَة لَا يجوز) عقلا (اجْتِهَاد غَيره) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي عصره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْأَكْثَر) على أَنه (يجوز) اجْتِهَاد غَيره فِي زَمَانه (فَقيل) يجوز (مُطلقًا) أَي بِحَضْرَتِهِ وغيبته، كَذَا نقل عَن مُحَمَّد بن الْحسن، وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْد الْأَكْثَرين مِنْهُم القَاضِي وَالْغَزالِيّ والآمدي والرازي (وَقيل) يجوز (بِشَرْط غيبته للقضاة) مُتَعَلق بيجوز، وَكَذَا الْوُلَاة دون غَيرهم (وَقيل) يجوز (بِإِذن خَاص) فَمنهمْ من شَرط صَرِيحه، وَمِنْهُم من نزل السُّكُوت عَن الْمَنْع مِنْهُ مَعَ الْعلم بِوُقُوعِهِ منزلَة الْإِذْن. (وَفِي الْوُقُوع) اخْتلفُوا. فَمنهمْ من قَالَ (نعم) وَقع (مُطلقًا) حضورا وغيبة (ظنا) أَي وقوعا ظنيا لَا قَطْعِيا، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب. قَالَ السُّبْكِيّ لم يقل أحد وَقع قطعا، (و) مِنْهُم من قَالَ (لَا) أَي لم يَقع أصلا (وَالْمَشْهُور أَنه) أَي عدم الْوُقُوع أصلا (للجبائي وَأبي هَاشم، و) مِنْهُم من مذْهبه (الْوَقْف) فِي الْوُقُوع مُطلقًا، نسبه الْآمِدِيّ للجبائي (وَقيل) الْوَقْف (فِي) حق (من بِحَضْرَتِهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا) فِي حق (من غَابَ) عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. (الْوَقْف) منشؤه أَنه (لَا دَلِيل) على الْوُقُوع وَلَا على عَدمه عِنْد الْوَقْف. قَالَ (الْمَانِع) للْجُوَاز مُطلقًا: مجتهدو عصره (قادرون على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute